( منزلة الولي ومعاني الولاية )
وإلى هذا السر إشارة من كلامه البليغ في نهج البلاغة فقال الامام علي عليه السلام: وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ( وهذه إشارة إلى أنه عليه السلام غاية الفخار ومنتهى الشرف وذروة العز ، وقطب الوجود وعين الوجود ، وصاحب الدهر ووجه الحق وجنب العلى ، فهو القطب الذي دار به كل دائر وسار به كل سائر ، لأن سريان الولي في العالم كسريان الحق في العالم لأن الولاية هي الكلمة الجارية السارية فهي لكل موجود مولاه ومعناه ، لأن المولى هو الاسم الأعظم المتقبل لأفعال الربوبية والمظهر القائم بالأسرار الإلهية ، والنقطة التي أدير عليها بركار النبوة فهي حقيقة كل موجود فهي باطن الدائرة والنقطة السارية السايرة ، التي بها ارتباط سائر العوالم ، وإلى هذا المعنى أشار ابن أبي الحديد فقال : تقبلت أفعال الربوبية التي * عذرت بها من شك أنك مربوب ويا علة الدنيا ومن بدء خلقها * إليه سيتلو البدء في الحشر تعقيب فهو قطب الولاية ونقطة الهداية ، وخطة البداية والنهاية ، يشهد بذاك أهل العناية وينكره أهل الجهالة ، والعماية ، وقد ضمنه أمير المؤمنين عليه السلام أيضا في قوله : ( كالجبل ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير ) ، وهذا رمز شريف لأنه شبه العالم في خروجهم من كتم العدم بالسيل وشبه ارتفاعهم في ترقيهم بالطير لأن الأول ينحدر من الأعلى إلى الأدنى ، والثاني يرتفع من الأدنى إلى الأعلى فقوله ينحدر عني السيل إشارة إلى أنه باطن النقطة التي عنها ظهرت الموجودات ولأجلها تكونت الكائنات ، وقوله ( ولا يرقى إلي الطير ) إشارة إلى أنه أعلى الموجودات مقاما ولسائر البريات إماما ، ولهم في الحشر قايدا وقساما ، فهو قسيم نور الحضرة النبوية المحمدية صاحب الولاية الإلهية فهو الكلمة الربانية ومولى سائر البرية ، ولقد أحسن ابن أبي الحديد إذ فوق سهم التوفيق راميا لهذا المرمى الدقيق عن قوس التحقيق فقال والله لولا حيدر ما كانت * الدنيا ولا جمع البرية مجمع وإليه في يوم المعاد حسابنا * وهو الملاذ لنا غدا والمفزع أقول : هذا رجل من المعتزلة اعتقاده عن الإقرار بالحق ما عزله ، وأنت حوشيت من الرد تزعم أنك مولى من العبيد والموالي فما لي كلما أراك حاوي الأراك بشراك وشراك من شراك الإشراك ، وبان لك بأني البينات دراك حيث الإدراك وما أدراك فعلك علك تشيم نور الأزهار ، وعشاك غشاك عظيم أنوار الأسرار ، قال : ما غشاك فعانقت ابتكار الأفكار في هاوية هواك فأهواك فهذا يا هذا أو ذاك ورأيك ورأيك ، فأنت كما قيل من لا يحركه الربيع وأزهاره والعود وأوتاره ، فقد فسد مزاجه وامتنع علاجه . ولا ينفع مسموع * إذا لم يك مطبوع