الشيخ حيدر فاضل الشكري
الإمام الـمهدي الـمنتظر (عج) في نهج البلاغة 
بحث تأويلي دلالي
 
الـمقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالـمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والـمرسلين حبيب إله العالـمين أبي القاسم محمد بن عبدالله وعلى أهل بيته الـمظلومین خلفاء الله في العالـمين
وبعد....
في فلسفة وجود الإنسان في دار الدنيا، أن هذا الإنسان محاط بجملة من الضوابط والتكاليف الشرعية التي تحفظ له إنسانيته ومن دونها يهبط إلى أسفل سافلين.
إنّ هذه الضوابط والتكاليف قد جاء بها الأنبياء والـمرسلون لا سيما خاتمهم الحبيب الـمصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلـم) الذي تمثّل رسالته خلاصة كل الرسالات والكتب السماوية.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلـم) يمثّل الحجة الـمعصومة لله عزّ وجلّ في تبليغ الرسالة وإرشاد الخلق إلى طريق الهدى والصلاح. فإذا ما رحل (صلی الله عليه وآله وسلـم) عن هذه الدنيا فلابدّ من وجود حجج معصومة من بعده في كل عصر وزمان لإتمام الحجة الإلهية على العباد؛ إذ لا يخلو زمان من حجة وهذا مضمون ما ورد عن امير الـمؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة حيث قال (عليه السلام): «اللَّهُمَّ بلا لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة، إمّا ظاهراً مشهوراً، أوخائفاً مغموراً، لئلا تبطل حجج الله وبيّناته».
ومن هذا الـمنطلق تتبين حتميّة وجود إمام حقّ في كل زمان يكون حجة لله تبارك وتعالى على خلقه في الدنيا والآخرة، قال تعالى: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ»[١]، وقال تعالى: «إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ»[٢].
فإذا كانت العصور الـماضية لـم تخل من إمام، وقد مضى أحد عشر إماماً من ائمة أهل البيت (عليهم السلام) وكان آخرهم الإمام العسكري (عليه السلام) الذي استشهد سنة (٢٦٠هـ)، فهل يمكن أن تبقى الأرض ويبقى الخلق منذ ذلك الوقت والى يومنا هذا بلا امام؟!! والحال أنّ الحديث الشريف يقول: «من مات ولـم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية».
الجواب: هذا محال؛ وذلك لحصول نقص في إتمام الحجة الإلهية على عباده. وكذلك فإن حياة الأرض وما عليها يرتبط ارتباط ضرورياً لا انفكاك له بالإمام الـمعصوم. وبتعبير آخر فإن وجود الإمام (عليه السلام) لا يخصّ مسألة الهداية للخلق فحسب، بل أنّ كل القوانين الطبيعية مرتبطة به، فهومتجذّر ومتأصّل في كل الطبيعة وفي كل دقائق هذا الكون. ومن هنا يثبت معنى ما ورد في الروايات عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام): «لولا الحجّة لساخت الأ بأهلها».
إضافة إلى ماذكرنا فإنّ هناك فلسفة أُخرى في ضرورة وجود الإمام الـمهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) تكمن في حتمية وجود ميزان فيصل بين مراحل الصلاح والفساد. فإذا رجحت كفة الفساد يفترض وجود من يثقل كفة الصلاح. وإلّا فعدم التوازن بينهما يؤدّي الى النهاية الحتمية للأرض ومن عليها.
إنّ الـموازين الـمنطقية والتفكير العقلائي مضافاً إليها الأدلّة القرانية والروائية، كلّها تؤكّد وجود الإمام (عجل الله تعالی فرجه الشریف) وضرورة ظهوره في آخر الزمان لينشأ الدولة العالـمية التي تنصف الـمظلوم وتقتص من الظالـم وتنشر العدل وتعطي كل ذي حقّ حقّه ويطبّق فيها الإسلام الـمحمدي الأصيل.
وفي بحثي هذا آليت التطرق إلى الفصول الخاصة بالإمام الـمهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف)، والتي وردت في نهج البلاغة لبيان مضامينها ودلالاتها، وهي تشمل جملة من العناوين الخاصة بالعقيدة الـمهدوية. راجياً من الله تعالى التوفيق والقبول إنّه سميع مجيب.
 
(١) – قال (عليه السلام): «وَخَلَّفَ فِينَا رايَةَ الْحَقِّ، مَنْ تَقَدَّمَهَا مَرَقَ، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا زَهَقَ، وَمَنْ لَزِمَهَا لَحِقَ، دَلِيلُهَا مَكِيثُ الْكَلامِ ، بَطِيءُ الْقِيَامِ، سَرِيعٌ إِذَا قَامَ، فَإِذَا أَنْتُمْ أَلَنْتُمْ لَهُ رِقَابَكُمْ، وَأَشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِأَصَابِعِكُمْ، جَاءَهُ الْـمَوْتُ فَذَهَبَ بِهِ، فَلَبِثْتُمْ بَعْدَهُ مَا شَاءَ اللهُ حَتَّى يُطْلِعِ اللهُ لَكُمْ مَنْ يَجْمَعُكُمْ وَيَضُمُّ نَشْرَكُمْ. أَلاَ إِنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله وسلـم)، كَمَثَلِ نُجُومِ السَّماَءِ، إِذَا خَوَى نَجْمٌ،  طَلَعَ نَجْمٌ، فَكَأَنَّكُمْ قَدْ تَكَامَلَتْ مِنَ اللهِ فِيكُمُ الصَّنَائِعُ، وَأراكُم مَا كُنْتُمْ تَأْمُلُونَ» [٣].
«وَخَلَّفَ فِينَا رايَةَ الْحَقِّ»: الفعل (خلّف) يعود الى  رسول الله _صلى الله عليه وآله وسلـم).
«راية الحق»: هناك أكثر من قول في تأويلها:
الاول: قال ابن أبي الحديد: ( إنّ الـمراد براية الحق: الثقلان الـمخلّفان الكتاب والعترة)[٤].
فقد روى مسلـم: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلـم) قال: «وإنّي تارك فيكم ثقلين، أوّلهما كتابُ الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به»، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال: «وأهل بيتي، أذكّركم في أهل بيتي، أذكركم في أهل بيتي»[٥].
الثاني: قال ابن ميثم: (الـمراد: الكتاب والسنة)[٦].
الثالث: الـمراد براية الحق خصوص الكتاب وهوالأرجح بدليل قوله (عليه السلام): «دليلها مكيث الكلام...» أي: العترة الطاهرة (عليهم السلام) دليل كتاب الله تعالى، فإنّهم كتاب الله الناطق الذي يمثل الدليل على أحكام الكتاب الصادق، وكما قال امير الـمؤمنين (عليه السلام) لأهل صفين – عندما رفعوا الـمصاحف-: «ويحكم! أنا كتاب الله الناطق».
«من تقدمها مرق»: اي من تقدمّ راية الحق خرج من الدين.
«ومن تخلّف عنها زهق»: اي هلك كل من لـم يعلـم بأحكامها.
«ومن لزمها لحق»: اي: وصل الـمتمسّك بها إلى غايته ومقصده.
دليلها: أي: دليل الراية، وأراد الإمام (عليه السلام) به نفسه (عليه السلام)؛ لأنّ الحق يدور معه كيفما دار بشهادة الرسول الأعظم كما في الحديث الشريف: قال (صلى الله عليه واله وسلـم): «علي مع الحق، والحق مع علي، يدور معه كيفما دار»[٧].
مكيث الكلام: الـمكث في الكلام ليس معناه قلة الكلام، وإنّما يكون الكلام عن تدّبر وروية للعقل حتى ولو كثر الكلام، وهذه من الصفات الـممدوحة، ويقابلها السرعة في الكلام وإن كان قليلاً، وكما قيل: لسان العاقل من وراء قلبه، فإذا أراد الكلام تفكّر فإن كان له قال، وإن كان عليه سكت، وقلب الجاهل وراء لسانه، فإنّ همّ بالكلام تكلّم من غير تروٍّ، سواء كان له أوعليه.
«بطيء القيام، سريع إذا قام»: أي: أنّه إذا اقتضت مصلحة الدين من الإمام (عليه السلام) القعود أحجم وامتنع عن القيام، كما صنع علي (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلـم) عندما اغتصب حقه في الخلافة، وعندما ظلـمت فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، بينما في أيام خلافته (عليه السلام) اقتضت الحكمة والـمصلحة العليا للإسلام القيام بوجه الناكثين والقاسطين والـمارقين، ونظير هذين الـموقفين لأميرالـمؤمنين (عليه السلام) ما قام به ولداه الحسن والحسين (عليهما السلام)، حيث قعد الحسن (عليه السلام) عن للقتال بينما قام الحسين للقتال، وهذا مصداق ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلـم) عندما قال: «الحسن والحسين إماما حقّ إن قاما، وإن قعدا، وأبوهما خير منهما»[٨].
إذن التأني في الأُمور هو من صفات العقل والتسرع من صفات الجهل. وقد وردت في هذا الـمعنى جملة من الروايات نذكر بعضها.
في الوسائل عن الصدوق بإسناده عن أمير الـمؤمنين (عليه السلام) في وصيته لـمحمد بن الحنفية قال (عليه السلام): «من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ ومن تورّط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرّض لـمفظعات النوائب، والتدبير قبل العمل يؤمّنك من الندم، والعاقل وعظه التجارب، وفي التجارب علـم مستأنف، وفي تقلّب الأحوال علـم تجارب الرجال »[٩].
وفيه من مجالس الشيخ بإسناده عن أبي قتادة القمي قال: قال ابوعبد الله (عليه السلام): «ليس لحاقن رأي، ولا لـملول صديق، ولا لحسود غني، وليس بحازم من لا ينظر في العواقب والنظر في العواقب تلقيح للقلوب »[١٠].
ومن محاسن البرقي مسنداً إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أتى رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلـم) فقال: علـمني يارسول الله، قال (صلى الله عليه وآله وسلـم): عليك باليأس مما في أيدي الناس، فإنّه الغنى الحاضر، قال: زدني يارسول الله، قال (صلى الله عليه وآله وسلـم): إياك والطمع فإنّه الفقر الحاضر، قال: زدني يارسول الله، قال (صلى الله عليه وآله وسلـم): إذا هممت بأمر فتدبّر عاقبته إن يك خيراً ورشداً فاتبعه، وإن يك غيّاَ فاجتنبه»[١١].
إنّ كل ما كان يصدر من الأئمة الهداة (عليهم السلام) الذين اختارهم الله تعالى لأمره وجعلهم حججاً على عباده، من قول ومن فعل إنّما هوعن تدبّر العقل ورويته وعن الدين وشريعته، فإذا ظهر وجه الـمصلحة في القيام بأمرٍ ما للـمعصوم قام سريعاً وانتهز الفرصة، وإلّا فإنّه (عليه السلام) يحجم ويمتنع عن القيام والـمبادرة.
ثم قال (عليه السلام): «فإذا أنتم ألنتُم له رقابكم، وأشرتم إليه بأصابعكم، جاءه الـموت فذهب به»: الضمير له وإليه يعود إلى الإمام (عليه السلام)، نفي الـمقطع الأول من عبارته (عليه السلام) كناية عن طاعتهم له وانقيادهم لأمره بعد ما كانوا يخالفون أوامره من قبل، وفي الـمقطع الثاني كناية عن إجلالهم له (عليه السلام) بعد ما يعرفون مكانته وعظمته ما عدا البعض منهم، فإذا ما بلغوا هذا الـمبلغ من معرفتهم به وتعظيمهم له (عليه السلام) وامتثالهم لأوامره قبضه الله سبحانه وتعالى إليه وتركهم حيارى لا يهتدون إلى رشد ويتفرقون ثانية ويتسلط عليهم الأعداء.
اختلف شراح نهج البلاغة في زمن اجتماع الناس حوله وانقيادهم له (عليه السلام) ومنهم ابن أبي الحديد والـمحقق التستري، فقد قال ابن أبي الحديد: «واعلـم أنّ هذه الخطبة خطب بها أمير الـمؤمنين (عليه السلام) في الجمعة الثالثة من خلافته، وكنّى فيها عن حال نفسه، وأعلـمهم فيها أنّهم سيفارقونه ويفقدونه بعد اجتماعهم عليه وطاعتهم له، وهكذا وقع الأمر، فإنّه نقل أنّ أهل العراق لـم يكونوا أشدّ اجتماعاً عليه من الشهر الذي قتل فيه (عليه السلام)، وجاء في الأخبار أنّه عقد للحسن ابنه (عليه السلام) على عشرة آلاف، ولأبي ايوب الأنصاري على عشرة آلاف ولفلان وفلان، حتى اجتمع له مائة ألف سيف، وأخرج مقدّمته أمامه يريد الشام فضربه اللعين ابن ملجم، وكان من أمره ما كان، وانفضّت تلك الجموع، وكانت كالغنم فقدت راعيها»[١٢].
وقد نفى الـمحقق التستري في كتابه (بهج الصباغة) رأي ابن أبي الحديد واعتبر أنّ الـمراد بهذا الـمقطع من خطبته (عليه السلام) هوانتقال أصل الخلافة الظاهرية إليه (عليه السلام) ولـم يكن اجتماع الناس وطاعتهم له في الشهر الذي قتل فيه على اعتبار أنّ أمره (عليه السلام) بعد التحكيم صار مضطرباً غاية الاضطراب، حتى بعد رجوعه عن حرب الخوارج نهى الناس عن دخول البلد، ليشخصوا إلى معاوية، فلـم يعتنوا به، وكان معاوية يغير كل يوم على بلاده (عليه السلام) غير الكوفة، ويصيح (عليه السلام) بهم في الدفاع، ولـم يصغوا إليه حتى قتل – صلوات الله عليه –[١٣].
وكان (عليه السلام) في أُخريات أيامه يرتقب الـموت في لهفة ويقول مردّداً: «أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلـم) عهد إليّ أن لا أموت حتى أؤمّر، وتخضّب هذه من دم هذا، - وأشار إلى لحيته ورأسه – قضاءاً مقضياً، وعهداً معهوداً منه إليّ »[١٤].
ثم قال (عليه السلام) «فلبثتم بعده ما شاء الله حتى يطلع الله لكم من يجمعكم ويضّم نشركم».
وهنا بشّر (عليه السلام) بنصر قادم حتى لا يشعر أصحابه باليأس، أي: أنّ هناك قيام واجتماع للناس وهنا نقول متى يحدث هذا؟
هناك أكثر من رأي:
١- ظهور قائم آل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) وهذا ما ذكر ابن أبي الحديد حيث قال: «كلامه (عليه السلام): إشارة إلى الـمهدي الذي يظهر في آخر الوقت، إلّا أنّه عند أصحابنا غير موجود الآن وسيوجد وعند الإمامية أنّه موجود»[١٥].
إنّه رأي ابن أبي الحديد بعدم وجود الـمهدي (عليه السلام) الآن، فهذا مردود لـما يأتي من كلام امير الـمؤمنين (عليه السلام) في هذه الخطبة حيث قال (عليه السلام): «مثل آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلـم) كمثل نجوم السماء، إذا هوى نجم طلع نجم»، وكذلك في خطبة أُخرى – ستأتي لاحقاً – حيث يقول (عليه السلام): «لا تخلوالأرض من قائم لله بحجة إمّا ظاهرًا مشهوراً اوخائفاً مغموراً»[١٦].
وكذلك فهو يتعارض مع حديث الثقلين من عدم افتراق القرآن والعترة الطاهرة (عليهم السلام) حتى يردا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلـم) الحوض.
٢- قيل: إنّ الـمراد هو قيام دولة بني العباس الذي أنهى دولة بني أمية وهذا ما ذكره ابن ميثم في شرحه[١٧]، حيث نقل الرأي الأول ايضاً. وهذا مردود – أيضاً – لأنّ راية بني العباس باطلة كسابقها راية بني أمية في ظلـمهم وفسادهم، حين أنّ الإمام (عليه السلام) بين في خطبته هذه أنّ اجتماع الناس وضم نشرهم على راية الحق.
٣- وقيل: أنّ الـمراد بهذا الاجتماع هوالاجتماع الفكري والثقافي إلى جانب الاجتماع السياسي والعسكري، وهوالـمعنى الذي تحقق على عهد الإمام الباقر والصادق والرضا (عليهم السلام)[١٨].
ولعل هذا الاجتماع مستبعداً لعدم انسجام هذا الـمعنى مع العبارات السابقة التي أشارت إلى الاجتماع السياسي والعسكري.
والرأي الأوّل هوالأنسب فليس هناك من يجمع الناس ويضم نشرهم غير قائم آل محمد (صلی الله عليه وآله وسلـم) الذي سوف يظهر في آخر الزمان، وطوبى لـمن أدرك زمانه (عليه السلام).
قال الإمام الصادق (عليه السلام): «الـمنتظر الثاني عشر هو الـمفرج للكرب عن شيعته بعد ضنك شديد، وبلاء طويل، وجزع وخوف، فطوبى لـمن أدرك ذلك الزمان»[١٩].
ثم قال (عليه السلام): «ألا إنّ مثل آل محمد، (صلى الله عليه وآله وسلـم) كمثل نجوم السماء، إذا أخوى نجم طلع نجم».
وهنا دعا (عليه السلام) الناس إلى الاهتداء بآل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلـم)؛ لأنّ مثلهم كمثل نجوم السماء التي يهتدي بها الناس في ظلـمات البر والبحر كما في قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُـمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ»[٢٠].
فالنجاة في الدنيا والآخرة ونيل السعادة في الدارين والفوز بالرضوان إنّما هو في ظل هدي آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلـم) حيث لاتخلوا الأرض منهم كنجوم السماء فكلـما غابت نجمة، ظهرت أخرى، وهنا أئمة العصمة (عليهم السلام) كلـما رحل إمام جاء بعده إمام إلى خاتم الأئمة وهوالـمهدي الـمنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلـماً وجوراً.
ثم بشرهم (عليه السلام) بقوله: «فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع»، أي: نعمه وآلاؤه تعالى، «وأراكم ماكنتم تأملون»، أي: لا تيأسوا عسى الله أن يأتي بالفرج من قريب، والـمتحقق الوقوع قريب وإن كان بعيدًا ويمكن أن يكون إرائة الـمخاطبين مأمولهم في الرجعة والله أعلـم.
ولايخفى بأنّ الـمراد من الـمأمول هوظهور القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف). في خبر جابر الجعفي عن الباقر (عليه السلام): «كأنّي بأصحاب القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وقد أحاطوا بما ين الخافقين، فليس من شيء إلّا وهو يطيع لهم، حتى سباع الأرض وسباع الطير»[٢١].
وفي خبر آخر عنه (عليه السلام): «اذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد، فجمع فيها عقولهم، وكملت بها أحلامهم»[٢٢].
وعن الصادق (عليه السلام): «وإنّ الرجل منهم ليعطى قوة أربعين رجلاً، وإنّ قلبه لأشدّ من زبر الحديد، ولو مرّوا بجبال الحديد لقلعوها... »[٢٣].
وقد نقل ابن ميثم في شرح هذه الخطبة حديثاً فقال: رأيت حديثاً للإمام (عليه السلام) يمكنه أن يوضح هذه الخطبة: «يا قوم اعلـموا علـماً يقيناً، إنّ الذي يستقبل قائمنا من أمر جاهليتكم ليس بدون ما استقبل الرسول من أمر جاهليتكم... ولعمري لينزعنّ عنكم قضاة السوء، وليقبضنّ عنكم الـمرائين، وليعزلنّ عنكم أمراء الجور، وليطهرنّ الأرض من كل فاش، وليعملنّ فيكم بالعدل، وليقومنّ فيكم بالقسطاس الـمستقيم »[٢٤].
وممّا مرّ بنا من البيان والتأويل لنستدل على مايلي:
١- إنّ أي افتراق عن راية الحقّ من جانب الإفراط والتفريط معناه الخسران الـمبين والهلكة في الدنيا والآخرة.
٢- إنّ الصفات التي ذكرها الإمام (عليه السلام) لدليل راية الحق، من حيث التروي والتدبّر بالقول والفعل، ومعرفة عواقب الأُمور، لابدّ من وجودها في هذا الدليل؛ لأنّه يمثل الزعيم الرباني والـمدّبر لأُمور العباد والـمرجع الأعلى لهم في كل أمورهم الدينية والدنيوية.
٣- لابدّ من تحقق ذروة تكامل النعم الإلهية، وذلك عند ظهور الإمام الـمهدي الـمنتظر (عليه السلام).
 
(٢) – وقال (عليه السلام): «يَعْطِفُ الْهَوَى عَلَى الْهُدَى إِذَا عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهَوَى، وَيَعْطِفُ الرَّأْيَ عَلَى الْقُرْآنِ إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأْيِ».
وقال (عليه السلام): «حَتَّى تَقُومَ الْحَرْبُ بِكُمْ عَلَى سَاق، بَادِياً نَوَاجِذُهَا، ممْلُوءَةً أَخْلاَفُهَا، حُلْواً رَضَاعُهَا، عَلْقَماً عَاقِبَتُهَا. ألاَ وَفِي غَد ـ وَسَيَأْتِي غَدٌ بِمَا لاَ تَعْرِفُونَ ـ يَأْخُذُ الْوَالِي مِنْ غَيْرِهَا عُمَّالَهَا عَلَى مَسَاوِىءِ أَعْمَالِهَا، وَتُخْرِجُ لَهُ الأرْضُ أَفَالِيذَ كَبِدِهَا، وَتُلْقي إِلَيْهِ سِلْـماً مَقَالِيدَهَا، فَيُرِيكُمْ كَيْفَ عَدْلُ السِّيرَة، ويحي ميت الكتاب والسنة»[٢٥].
إنّ هذه العبارات في هذه الخطبة لأمير الـمؤمنين (عليه السلام) فيها إشارة واضحة إلى صفات الإمام الـمنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في آخر الزمان.
قال (عليه السلام): «يَعْطِفُ الْهَوَى عَلَى الْهُدَى إِذَا عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهَوَى، وَيَعْطِفُ الرَّأْيَ عَلَى الْقُرْآنِ إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأْيِ».
العبارة الأولی تشیر إلی الهدایة العقلیة، أي: أنّه (عجل الله تعالی فرجه الشریف) یردّ النفوس الضالّة عن طریق الله تعالی، والـمحجوبة بحجب الهوی، والسالکة للطرق الفاسدة، والـمذاهب الـمنحرفة؛ وذلك بسبب غياب منطق العقل والهداية. یردّها (علیه السلام) إلی سبیل الله تعالی من خلال جعل السیادة لهدایة باتباع أنوار الهدایة – وهم العترة الطاهرة (علیهم السلام) - .
وأمّا العبارة الثانیة فتشیر إلی الهدایة القرآنیة، أي: أنّه (عجل الله تعالی فرجه الشریف) یردّ الآراء جمیعاً إلی القرآن فیحملهم علی ما وافقه منها دون ما خالفه. فالقرآن هومیزان التقییم عنده (عجل الله تعالی فرجه الشریف) ویضرب کل تفسیر بالرأي وحمله علی القرآن الکریم، فهناك من ذوي الأطماع والـمصالح الدنیویة من حاول تطبیق النصوص القرآنیة وحسب آرائهم بما یوافق تحقیق أطماعهم اللامشروعة. ولا یخفی أنّ التفسیر بالرأي وحمل الآیات القرآنیة علیه لهو من مکائد الشیطان الکبری في تحریف الآیات عن معناها الحقیقي وإسقاط الوحي عن قیمته، ولذا فقد وردت روایات عن أهل بیت العصمة (علیهم السلام) أنزلت هذا الأمر بمنزلة الکفر، حیث قال الإمام الصادق (علیه السلام) : «من فسّر برأیه من کتاب الله فقد کفر»[٢٦].
إنّ ما أصاب الـمسلـمین من البؤس والشقاء هو من وراء هذین الانحرافین وهما تحکیم هوی النفس علی العقل وتطبیق الرغبات والأطماع علی آیات القرآن من خلال التفسیر بالرأي.
لذلك فإنّ الإمام الـمهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف) هوالذي یقف بوجه هذه الانحرافات عند ظهوره.
وفي الفصل الثاني من هذه الخطبة أشار (علیه السلام) إلی الفتن التي تظهر عند ظهور القائم (عجل الله تعالی فرجه الشریف) وهو قوله (علیه السلام): «حتی تقوم الحرب بکم علی ساق»:
«الساق»: ما بین الرکبة والقدم، والجمع سوق. قال تعالی: «فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ»[٢٧]. والساق یأتي بمعنی: الشدّة کما في قوله تعالی: «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ»[٢٨]، أي: عن شدّة. قال الفیروزآبادي: والتفّت الساق بالساق آخر شدة الدنیا بأول شدة الآخرة.
فأراد الإمام (علیه السلام) بهذه العبارة اشتداد الحرب والتحامها. قال الشارح البحراني والعلامة الـمجلسي: وقیامها علی ساق کنایة عن بلوغها غایتها في الشدّة.
ثم قال (علیه السلام):«بادیاً نواجذها»، النواجذ: أقصی الأضراس (أوالأسنان عند الضحك کما في مجمع البحرين)[٢٩].
في هذه العبارة کنایة عن بلوغ الحرب غایتها فجاء التشبیه بظهور الأضراس (عند غایة الضحك کما قال ابن أبي الحدید، واعترض علیه البحراني بأنّ هذا وإن کان محتملاً إلاّ أنّ الحرب مظنّة إقبال الغضب لا إقبال الضحك. وهنا یکون التشبیه بظهور أضراس الأسد عن غضبه وافتراسه هوالأنسب في هذا الـمقام.
وقال (علیه السلام): «مملوءة أخلافها». (الأخلاف): جمع الخلف بالکسر کحمل وأحمال وهومن ذوات الخف والظلف کالثدي للإنسان، أو حملة ضرع الناقة ووردت بحملة ضرع سائر الحیوانات کالبقرة والشاة.
وهنا صفة ثالثة في تأکید شدة الحرب حیث نزلها (علیه السلام) منزلة النافة ذات اللبن في استعدادها واستکمالها عدتها کما تستکمل النافة باللبن وتهیؤه لولدها.
ثم أشار الإمام (علیه السلام)، إلی نکتة لطیفة وهي أنّ البعض من یستأنس ویستلذ بمقدمات بعض الأمور والتي تکون عاقبتها وخیمة، وفي هذا العمنی قال (علیه السلام): «حلواً رضاعها وعلقماً عاقبتها»، والعقلـم هوالحنظل، ویقال لکل شيء مرّ ومعنی هذه العبارة أنّ هناك من يستلذ ويستحلي الحرب طمعاً بالنصر والغلبة علی الأقران والشجعان وغیر ملتفتین إلی مرارة آخرها حيث القتل والهلاك وتكون عاقبة أكثرهم إلی النار والعذاب الألیم، قال الشاعر:
لحرب أول ما تکون فتیّة
 
تسعی بزینتها لکلّ جهول
حتی إذا اشتعلت وشبّ ضرامها
 
عادت عجوزاً غیر ذات خلیل
شمطاء جزت رأسها وتنکرت
 
مکروهة للشمّ والتقبیل[٣٠]
وفي العبارات التالیة یتطرق الإمام أمیرالـمؤمنین (علیه السلام) إلی بعض من سیرة ولده الإمام القائم (عجل الله تعالی فرجه الشریف) فقال:
«ألا وفي غٍد - وسیأتي غدٌ بما لا تعرفون -»، ومعنی هذه العبارة أنّه یخبر عن بعض الأمور التي ستکون ومنها قال (علیه السلام): «یأخذ الوالي من غیرها عمالها علی مساوئ أعمالها»، ومعنی هذا: أنّ الإمام الـمنتظر (عجل الله تعالی فرجه الشریف) – وهو رئیس الدولة الـمهدویة – یؤاخذ الـمسيء بأعماله، ویعاقبه بما هو جزاؤه دون أي هوادة، فیحاسب (عجل الله تعالی فرجه الشریف) العمال علی کل صغیرة وکبیرة، وفي هذا الـمعنی وردت روایات في کتب الخاصة والعامة ومنها:
عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلـم) أنّه قال: «إنّ القائم یومذاك یملأ الأرض عدلاً وقسطاً، کما ملئت جوراً وظلـماً»[٣١].
قال الشارح الـمعتزلي – في هذه العبارة من الخطبة -: هذا الکلام منقطع عما قبله، وقد کان تقدّم ذکر طائفة من الناس ذات ملك وأمره فذکر (علیه السلام) أنّ الوالي من غبر تلك الطائفة یعني الإمام الذي یخلفه في آخر الزمان یأخذ عمال هذه الطائفة بسوء أعمالهم[٣٢].
أي: يؤاخذهم بذنوبهم.
ومن هذه الـمؤاخذة ما ورد في روایة أبي بصیر دون غیره عن أبي عبدالله (علیه السلام) أنّه قال:«إذا قام القائم هدم الـمسجد الحرام حتی یردّه إلی أساسه، وحوّل الـمقام إلی الـموضع الذي کان فیه، وقطع أیدي بني شیبة وعلّقها بالکعبة، وکتب علیها هؤلاء سراق الکعبة»[٣٣].
ووردت الأخبار - أیضاً - بملك الجبابرة وولاة السوء عند ظهوره (عجل الله تعالی فرجه الشریف)، ومنها: في الحدیث الذي رواه (کاشف الغمة)، من کتاب (کفایة الطالب، عن الحافظ أبي نعیم في فوائده، والطبراني في معجمه الأکبر، عن جابر بن عبدالله أنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلـم) قال: «سیکون بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء أمراء ومن الأمراء ملوك جبابرة، ثم یخرج الـمهدي من أهل بیتي یملأها عدلاً کما ملئت جوراً»[٣٤].
ثم ذکر (علیه السلام) صفات أخری للدولة الـمهدویة حیث قال:
«وتخرج الأرض أفالیذ کبدها». (الأفالیذ): جمع (أفلاذ)، وأفلاذ جمع (فلذ)، وهي القطعة من الکبد. وهنا کنایة عن أنّ الأرض في عهد الإمام الـمنتظر(عجل الله تعالی فرجه الشریف) تعطي خیراتها ما ظهر منها وما بطن من حیث الـمعادن والنبات وکل ما فیها من الکنوز والخزائن والتي استعمار الإمام (علیه السلام) لفظة الکبد عنها، ویعضد هذا ما ورد في کتاب الله تعالی حیث قال جلا وعلا:«وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا»[٣٥].
وتلقي إلیك سلـماً مقالدها (الـمقالید) إي: الـمفاتیح.
بمعنی أنّ الکلّ یطیع الإمام (عجل الله تعالی فرجه الشریف) ویتمثل لأوامره وهنا أراد أهل الأرض في هذه الکنایة بأنّ الأرض تلقي مفاتیحها. وذکر الـمحقق الخوئي في منهاج البراعة أنّ الـمراد بإلقاء الـمقالید فتح الـمدائن والأمصار وهوالأقرب[٣٦].
وینقل الـمحقق الخوئي روایة من (کشف الغمة) بهذا الـمعنی بأسانیدها عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلـم): «بینکم وبین الروم أربع هدن یوم الرابعة علی ید رجل من آل هرقل یدوم سبع سنین». فقال له رجل من عبد النفیس - یقال له الـمستورد بن غیلان -: یا رسول الله، من إمام الناس یومئذٍ؟ قال:«الـمهدي من ولدي، ابن أربعین سنة، کأن وجهه کوکب درّي، في خدّه الأیمن خال أسود، علیه عباءتان قطوانیّتان، کأنّه من رجال بني إسرائیل، یستخرج الکنوز، ویفتح مدائن الشرك»[٣٧].
ثم قال (علیه السلام): «فیریکم عدل السیرة، ویحي میّت الکتاب والسنّة».
وهذه من خصائص الدولة الـمهدویة، وهي السیرة العادلة بإحقاق الحقّ و إزهاق الباطل، وأنّه (عجل الله تعالی فرجه الشریف) یرجع الناس إلی هدایة القرآن الکریم والسنة النبویة الشریفة بعد أن دُرست آثارهما. وفي هذا الـمعنی روی الـمفضل بن عمرو الجعفي قال: سمعت أبا عبدالله - جعفر بن محمد (علیه السلام) - قال: «إذا أذن الله تعالی للقائم في الخروج صعد الـمنبر فدعی الناس ألی نفسه، وناشدهم الله، ودعاهم إلی حقّه، وأن یسیر فیهم بسنّة رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلـم)، ویعمل فیهم بعمله، فیبعث الله جبرئیل حتی یأتیه فینزل علی الحطیم ویقول له: إلی أي شيٍء تدعو؟ فیخبره القائم (علیه السلام)، فیقول جبرئیل: أنا أول من یبایعك وابسط یدك فیمسح علی یده وقد وافاه ثلاثمائة وسبعة عشر رجلاً فیبایعونه ویقیم بمکة حتی یتم أصحابه عشرة آلاف»[٣٨].
وما مرّ بنا إشارة إلی بعض سیرته (عجل الله تعالی فرجه الشریف) عند قیامه وطریقة أحکامه.
ومن الاستدلالات في هذه العبارات لخطبة الإمام (علیه السلام):
١ - وحدة البشریة تحت رایة واحدة وتدیر شؤونها دولة واحدة.
٢ - تحقیق العدل والأمن والـمساواة للناس أجمعین، في ظل الدولة الـمهدویة العالـمیة.
٣ - یعیش الناس في رغٍد من العیش وینعمون با لخیرات فلا یبقی فقیر في هذه الدولة.
٤ - تسود الفضائل والأخلاق بین الناس وینشر الحبّ والصفاء بینهم وتختفي مساوئ الأخلاق من قبیل الحسد والتنافس والأحقاد وغیرها.
٥ - إنّ الإمام الـمهدي الـمنتظر - أرواحنا له الفداء - عندما یحکم الناس بکتاب الله وسنة نبیّه (صلی الله علیه وآله وسلـم) فبذلك یثبت للعالـم أجمع أنّ القرآن والسنّة اللتین حکمتا الناس في جاهلیتهم الأولی سیحکمان الناس في آخر الزمان وهم في قمة تطورهم الحضاري والتکنولوجي، مما یدل علی أنّ القرآن الکریم والسنّة النبویة لکل عصر وزمان.
٦ - تتم العقول في ظل حکومة الـمهدي (عجل الله تعالی فرجه الشریف)، وتمشي البشریة في طریق  التكامل المادي والمعنوي