فصل: مفاسد المراء والجدل
قد سبق منا الكلام في ذكر مفاسد المراء والجدال ضمن حديث من الأحاديث الشريفة. ولمّا رأينا أن من
المناسب ھنا ذكر بعض الأحاديث التي تبين مفاسد المراء والجدال عرضناھا وبيّنا نبذة منھا وھي:
في الكافي الشريف بسنده إلى الإمام الصادق عليه السّلام: قالَ: قالَ أميرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السّلام ـ: «إيّاكُمْ
407 وَالْمِراءَ وَالْخُصُومَةَ فَإنَّھُما يُمْرِضانِ الْقُلوبَ عَلَى الإخْوانِ وَيَنْبُتُ عَلَيْھُما النِّفَاقُ»
.
وفي الكافي أيْضاً عن أبي عَبدِ االله عليه السّلام قالَ: «إيّاكُمْ وَالْخُصُومَةَ فَإنَّھا تَشْغَلْ الْقَلْبَ وَتُورِثُ النِّفَاقَ
408 وَتَكْسِبُ الضِّغائِنِ»
.
وفيه أيْضاً عن أبي عبد االله عليه السّلام قالَ: «قالَ جَبْرَائِيلُ لِلنَّبِيِّ صلّى االله عليه وآله وسلم: إيّاكَ وَمُلاحاةَ
. أما بيان أن المراء والخصومة في المقام، يمرضان القلب، ويسيئان نظرة الإنسان إلى أصدقائه ويبعثان 409 الرِّجالِ»
النفاق في القلب، فقد سبق منا الكلام بأن الأعمال الظاھرية تترك أثاراً في الباطن والقلب، متناسبة مع تلك
الأعمال، ونقول ھنا بأن تأثير الأعمال السيئة في القلب أسرع وأكثر، لأن الإنسان نتاج عالم الطبيعة ـ المادة ـ وأن
القوى الشھوية والغضبية والشيطانية ترافقه وتتصرف فيه، كما ورد في الحديث: «إِنَّ الشَّيْطانَ يَجْري مَجْرَى الدَّمِ
، ولھذا يتجه القلب نحو المفاسد، والأمور المنسجمة مع الطبيعة، ولدى وصول أقل عون أو مدد 410 مِنْ بَني آدَمَ»
من الخارج مثل أعضاء الإنسان أو الصديق المنحرف السيء، يتحقق الأثر الشديد في القلب. كما ورد النھي في
الروايات الشريفة عن الصداقة والمؤاخاة مع المنحرفين.
406
أصول الكافي مجلد 1 ،كتاب فضل العلم، باب المستأكل بعلمه، ح 2.
407
أصول الكافي مجلد 2 ،كتاب الإيمان والكفر، باب المراء والخصومة، ح 1.
408
أصول الكافي المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب المراء والخصومة، ح 8.
409
أصول الكافي المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب المراء والخصومة، ح 6.
410
سنن الدارمي، المجلد 2 ،ص 320.
160
الكافي: عَنْ أبِي عَبْدِ االله عليه السّلام قالَ: قالَ أمير الْمُؤمِنينَ ـ عليه السّلام ـ : «لا يَنْبَغي لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أن
يُواخِيَ الْفَاجِرَ فَإِنَّهُ يُزَيِّنَ لَهُ فِعْلَهُ وَيُحِبُّ أنْ يَكُونَ مِثْلَهُ وَلا يُعينُهُ عَلى أمْرِ دُنْيَاهُ وَلا أمْرِ مَعادِهِ، وَمَدْخَلُهُ إلَيْهِ وَمَخْرَجُهُ
411 مِنْ عِنْدِهِ شَيْنٌ عَلَيْهِ»
.
412 وعَنْ أبي عبد االله عليه السّلام قالَ: «لا يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أنْ يُواخِيَ الْفَاجِرِ وَلاَ الأحْمَقَ وَلا الْكذّابَ»
.
والنكتة المھمة في النھي عن مخالطة أھل المعصية، أو الحضور في مجلس يعصى االله فيه أو التوادّ والتحابّ
مع أعداء االله، ھي من تأثير أخلاق العصاة والمنحرفين وسلوكھم في الإنسان.
والأھم من كل ذلك ھو تأثير روح الإنسان من أعمال نفسه، فإن في ممارسه قليلة للأعمال السيئة، تأثير كبير
على الروح، بحيث لا يتيسَّر ولا يمكن التنزه من تلك الآثار وتطھير الروح منھا عبر سنين طويلة.
فعلم أن الإنسان لو انصرف إلى المراء والخصومة، لحصلت بعد فترة، ظلمة موحشة في القلب، وأفضت
الخصومة اللسانية الظاھرية، إلى الخصومة القلبية الباطنية. وھذا ھو السبب الكبير للنفاق والتلون. فلا بد من
معرفة أن مفاسد النفاق تعود إلى مفاسد المراء والجدال أيضاً. وقد تقدم منا لدى شرح رواية الحديث عن مساوئ
النفاق والتلون، ولا حاجة إلى إعادته ھنا.
وذكر الإمام الصادق عليه السّلام آثار وعلائم لصاحب الجھل والمراء:
منھا: إيذاء الناس، وسوء مجلسه، وھذه من الصفات الذميمة والمفاسد التي تكون سبباً مستقلاً لھلاك
والأحاديث في 413 الإنسان. وفي الحديث الشريف المنقول من الكافي «مَنْ آذى لي وَليَّا فَقَدْ بارَزَني بِالْمُحَارَبَةَ»
ھذا المضمار كثيرة لا يتسع لھا ھذا البحث المختصر.
ومنھا: المراء والتصدّي للحديث والبحث العلمي لأجل التغلب على الآخرين، وإظھار علمه. وأما جعله صلوات
االله وسلامه عليه، المراء علامة على المراء، فيمكن أن يكون المقصود من المراء الأول ـ في كلامه عليه السلام ـ
الصفة القلبية وملكته الخبيثة، ومن المراء الذي ھو آية وعلامة ـ المراء الثاني ـ الأثر الظاھر من المراء.
ومنھا: أن يظھر الاتصاف بالحلم رغم أنه غير ملتزم به، وھذا ھو النفاق وذو الوجھين والرياء والشرك، كما أن
إظھار الخشوع مع الخلو من الورع، من أوضح مصاديق الشرك والرياء والنفاق والتلوّن.
فلمّا علمنا أنّ لھذه الصفة ـ المراء ـ مساوئ عظيمة، وأن كل واحدة منھا توجب الموبقات والمھلكات، وجب
إنقاذ أنفسنا بالترويض والجھد، من ھذه الخصلة المشينة، والرذيلة المفسدة للقلب، المدمرة للإيمان، وتطھير
النفس من ھذه الظلمة والغبرة، وتزيين القلب وجلائه بخلوص النية، وصدق الباطن.
وھنا نكتة لو وقف عندھا الإنسان وتأمل فيھا، لا نقصم ظھره، وھي أن الإمام الصادق عليه السّلام يقول بعد
ذكره لھذه العلامة: «فَدَقَّ االله مِنْ ھذا خَيْشُومَهُ وَقَطَعَ مِنْهُ حَيْزومَهُ» وھذه الجملة إما إخبار أو دعاء؟ وعلى أي
حال فإنھا ستتحقق، لأنھا إذا كانت إخباراً، فإنھا إخبار صادقٍ مصدّق، وإن كان دعاءاً فھو دعاء معصوم ووليّ االله،
ويكون مستجاباً وھذا كناية عن الذل والھوان والفضيحة. ولعل الإنسان يفتضح في الدنيا والآخرة ويكون مھاناً
فيھما. إنه يذل في ھذا العالم أمام أناس أراد أن يكون وجيھاً عندھم عبر تظاھره بالعلم فعلى العكس من ذلك
ينحط من قدره، ويذھب ماء وجھه، ويصبح مھاناً وذليلاً أمام من كان يسعى للتفوق عليھم. وإنه يذلّ ويھان في
عالم الآخرة أمام الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين وأوليائه المعصومين وعباده الصالحين، ولا يكون له شأن
عندھم.
إذاً: الويل لنا نحن أصحاب المراء والجدال وذوي الأھواء النفسية والخصومات، حيث ابتلينا بھذه النفس الخبيثة
التي لا تعرف الرحمة والحنان، والتي لا تتركنا، إلى أن تھلكنا في جميع النشآت والعوالم، ولم نبادر لإصلاحھا
إطلاقاً، لقد صممنا آذاننا ولم نستيقظ من سباتنا العميق الباعث على التوغل في عالم المادة.
411
أصول الكافي المجلد الثاني، كتاب العشرة، باب من تركه مجالسته، ح 13 و3.
412
أصول الكافي المجلد الثاني، كتاب العشرة، باب من تركه مجالسته، ح 13 و3.
413
أصول الكافي المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب من آذى المسلمين، ح 8.
161
إلھي أنت مصلح العباد، وبيدك القلوب، وطوع قدرتك وجود الكائنات، وتحت ھيمنتك، قلوب العباد، وإننا لا نملك
نفعاً ولا ضراً ولا حياةً، ولا موتاً، أَنِرْ يا إلھي بنور فيضك قلوبنا المعتمة، ونفوسنا المظلمة، وأصلح بفضلك ولطفك
مفاسدنا، وأنقذ ھؤلاء الضعفاء العُجّز.
فصل: في المراتب الظاھرية والباطنية للمراء وآثارھا
كما ذكرنا في الجملة الأولى من ھذا الحديث الشريف، أن للمراء مرتبة باطنية وملكة نفسانية، ومرتبة ظاھرية
تكون نتاجاً لتلك المرتبة الباطنية، وآية وعلامة عليھا. فكذلك الجملة الثانية من كلام الإمام عليه الصلاة السلام
حيث يكون لصاحب الاستطالة والترفع والختل والخديعة، مرتبة باطنية وسرّية ھي ملكتھا، ومرتبة ظاھرية ھي
وليدة تلك الملكة. كما أن للقلب أيضاً في كثير من الأعمال والأفعال نصيب، حيث قد يصل إلى مرحلة الرسوخ
والملكة وقد يبلغ مرتبة الحال ـ السطح ـ دون الارتكاز والرسوخ، وتكون الأعمال الظاھرية من آثارھا ومضاعفاتھا.
فمن كانت له ملكة الاستطالة والترفع وحب الرئاسة، والتزوير وخداع الناس كانت لھا علامات وآثار ظاھرية أيضاً،
حيث ذكر بعضھا الإمام الصادق عليه السّلام وھي: الخدعة والاحتيال على الناس، فإنه يجعل نفسه من أھل
الصلاح
في حين أنه في الحقيقة لم يكن منھم. وھؤلاء الناس ذئاب في زي الحَمَل الوديع، وشياطين في ھيكل
الإنسان. وإنھم أسوأ خلق االله، وإسائتھم إلى دين الناس، أكثر من إساءة جيوش المخالفين الأعداء.
ومنھا: أي من الآثار الظاھرية للجھل والمراء. إنھم يتزلفون ويتواضعون تجاه من يطمعون فيه، وينصبون له شَرَكَ
التدليس والتملق والتواضع، حتى يصيدوا البسيط من الناس، ويستفيدوا من حبھم الدافئ الجميل، وقربھم
واحترامھم الدنيوي، فھم يدفعون بدينھم وإيمانھم، كي يستفيدوا من دنياھم، وھؤلاء من الناس الذين ورد فيھم
الحديث قائلا (... يَطْلَعُ قَوْمٌ مِنْ أَھلِ الجَنَّةِ إلى قَومٍ مِنْ أَھْلِ النَّارِ فَيَقُولُونَ ما أَدْخَلَكُمُ النَّارَ وإنَمَا دَخَلْنَا الجَنّةَ بِفَضْلِ
414 تَعلِيمِكُمْ وَتَأَدِيِبكُمْ فَيَقُولونَ إِنَا كُنَا نَأَمُركُمْ بِالخَيرِ وَلاَ نَفْعَلَهُ)
.
ومنھا: أنھم يتكبرون على أبناء نوعھم وأشباھھم وأمثالھم الذين لا يطمعون فيھم دنيوياً ولكنھم يعتبرونھم
عثرات في طريق تقدمھم، ويترّفعون عليھم ويحقّرونھم مھما أمكن في سلوكھم وأقوالھم، لأنھم يخشون أن
ينافسوھم يوماً من الأيام، ويقللون من اعتباراتھم.
ولا بد من معرفة أن من أصعب الأمور، وأقسى الأشياء، محافظة العلماء والزھاد والمتقين على دينھم
والمراقبة لقلوبھم في حياتھم.
ولھذا لو أن شخصاً من ھذه الطبقة ينھض بوظائفه، وبكل إخلاص في النية ويسلك طريق العلم، والزھد
والتقى، وينقذ نفسه من ھذه المحن، ويسعى في سبيل إصلاح الآخرين، بعد أن أصلح نفسه، ويرعى أيتام آل
محمد صلّى االله عليه وآله وسلم، كان مثل ھذا الإنسان من المقربين والسابقين. كما قال الإمام الصادق عليه
السّلام ذلك في خصوص أربعة رجالٍ كانوا من حواري الإمام الباقر عليه السّلام ففي الوسائل عن رجال الكشي
بسنده إلى أبي عُبَيْدَة الحَذّاء قَالَ: «سَمِعْتُ أبا عَبْدِ االله عليه السّلام يَقُولُ: زُرارَةُ ومُحَمَّد بْنُ مُسْلِمٍ وَأبُو بَصِيرٍ
415 وَبُرَيْدٌ مِنَ الَّذِينَ قَال االله تعالى: وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ»
.
والأحاديث في ھذا المضمار كثيرة وفضل أھل العلم أوسع من قدرة الإنسان على بيانه. ويكفي في ذلك
الحديث المنقول عن رسول االله صلّى االله عليه وآله وسلم: «مَنْ جاءَهُ الْمَوْتُ وَھُوَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِيُحْيِيَ بِهِ الإسْلاَمَ
416 وسنأتي بعد ذلك على ذكر فضل أھل العلم إن شاء االله كانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأنْبِياءِ دَرَجَةٌ واحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ»
.
وإذا انحرف العالم ـ لا سمح االله ـ عن طريق الإخلاص، وسلك طريق الباطل، اعتبر من علماء السوء الذين ھم
أسوء خلق االله وقد وردت فيھم أحاديث شديدة، وتعبيرات قاسية.
414
وسائل الشيعة، المجلد 11 ،كتاب الأمر بالمعروف والنھي عن المنكر، باب 10 ،ح 12.
415
وسائل الشيعة، المجلد 18 ،الباب 11 ،من أبواب صفات التآخي، ح 22.
416
سنن الدارمي، المجلد 1 ،ص 100.
162
ويجب على طلاب العلوم الدينية، والسالكين لھذا السبيل المحفوف بالمخاطر، أن يكون أول ما يضعونه بعين
الاعتبار، إصلاح أنفسھم أثناء الدراسة ويفضّلوه مھما أمكن على كل شيء، لأنه أوجب كل الواجبات العقلية
والفرائض الشرعية وأصعبھا.
فيا طلاب العلوم الإسلامية، والكمالات والمعارف، استيقظوا من نومكم، واعلموا أن االله قد أتم الحجة عليكم
أكثر، وسيحاسبكم أشدّ، ويكون ميزان أعمالكم وعلومكم مغايراً كلياً لميزان كافة العباد، وصراطكم أرق وأدق،
ومحاسبة االله لكم أعظم.
والويل لطالب علم، عندما يبعث علمه في قلبه، الظلمة والكدرة. كما نشعر نحن بأننا إذا حصلنا على بعض
المفاھيم الناقصة والمصطلحات التي لا طائل منھا، توقفنا عن متابعة طريق الحق، وتحكّم فينا الشيطان والنفس،
وأنثنينا عن طريق الإنسانية والھداية، وغدت ھذه المفاھيم الحقيرة حجابنا الغليظ، ولا منجى لنا إلا اللجوء إلى
الذات المقدس تعالى.
إلھي: نحن نعترف بالتقصير، ونقرّ بالإثم، ونعلم بأننا لم نخط خطوة واحدة في سبيل رضاك، ولم نأت بعبادة
على وجه الإخلاص لك. ولكن نرجو أن تعاملنا بلطفك العميم ورحمتك الواسعة. وأن تستر عيوبنا في الآخرة كما
سترت عيوبنا في الدنيا فإننا ھناك أحوج إلى الستر والمغفرة.
ويجب في ھذا المقام أيضاً أن أبين نكتة مذكورة في ذيل الجملة الأولى من الحديث الشريف وھو أن الإمام
يقول «فَأَعْمَى االله عَلى ھذا خُبْرَهُ وَقَطَعَ مِنْ آثارِ الْعُلَماءِ أثَرَهُ» وھذه الجملة أيضاً ستحصل سواء كانت إخباراً أو
دعاءاً. ويجب أن يكون الإنسان حذراً جداً من العمى في البصيرة والباطن الذي يكون مصدر كافة أنواع الشقاء
والظلمات ومبعثاً لكل أصناف التعاسة.
وھكذا فإن «قطع الأثر من آثار العلماء»، والحرمان من كراماتھم وعطاياھم، مضافاً على أنه حرمان في نفسه،
يكون شناره وعاره وفضيحته أمام الخواص في ساحة الحق المتعالي يوم القيامة أكثر مما يتصور.
فصل: علامات أھل الفقه والفلسفة
لأصحاب الفقه والعقل ـ الذين يقصدون التفقه في الدين وإدراك الحقائق ـ أيضاً علامات وآثار، عمدتھا ما ذكره
الإمام عليه السلام:
منھا: أنه ينجم عن ھذا العلم في قلبه الحزن والھم والانكسار، ومن الواضح أن ھذا الانكسار والفزع لا يكون
لأجل الأمور الدنيوية الدنية الزائلة، بل إنه ناجم عن الخوف من المعاد، والتقصير في وظائف العبودية. وإن الانكسار
والحزن مضافاً إلى أنھما ينيران القلب ويجلّيانه، يكونان مبدءاً لإصلاح النفس، ومنشأً للنھوض بوظائف العبودية. وإن
ھذا النور ـ نور القلب ـ يسلب السكون والقرار من النفس، ويعرّف قلبه على الحق سبحانه وعلى دار كرامته.
ويجعله مستمتعاً في مناجاته مع الحق المتعالى فيحيي لياليه ويقوم بوظائف العبودية. كما قال عليه السّلام:
«قَدْ تَحَنَّكَ في بُرْنُسِهِ، وَقامَ اللَّيْلَ في حِنْدِسِهِ» فإن الجملة الأولى كناية عن ملازمة العبادة.
ومن علامات ھذا العالم الرباني أنه رغم قيامه الكامل بوظائف العبودية يعيش حالة الفزع، لأن نور العلم يھديه
إلى أنه كلما أدّى وظائفه، يشعر بأنّه قاصر أو مقصّر، وأنه لا يستطيع أن يخرج من مسؤولية شكر نعمه وحقيقة
عبادته. فيكون قلبه مملوءاً من الخوف والخشية. وقد قال الحق جل جلاله فيھم: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ
417 الْعُلَمَاء}
.
إن نور العلم يبعث على الخشية والحزن، وصاحبه رغم إقباله على إصلاح نفسه لا يقرّ له قرار من جراء خوفه
من يوم القيامة، ويدفعه نحو الطلب من االله في أن يصلحه، ويحذره من الانشغال بغير الحق، ويبعده عن أھل
زمانه، ويجعل ھاجسه الخوف من أن أھل الدنيا قد يمنعونه من السير إلى االله، والسفر إلى عالم الآخرة، ويزينون
الدنيا ولذائذھا في عينه. والحق سبحانه يؤيد مثل ھذا الإنسان، ويقوّي وجوده وينعم عليه بالأمان يوم القيامة. فَيَا
لَيْتَنَا كُنَّا مَعَھُمْ فَنَفُوزَ فَوْزاً عَظيماً. وَالْحَمْدُ الله أوَّلاً وَآخراً وَصَلَّى االله عَلَى مُحمَّدٍ وَآلهِ الطاھِرينَ.
417
سورة فاطر، آية: 28.
163
الحَديث الرابعَ والعشرون: العِلْم
بالسَّنَدِ المتُصِلِ إلى أفْضَلِ المُحَدِّثينَ والحسنِ وعليِّ بنِ محمَّدٍ، عن سھلِ بن زياد، عن محمَّدِ بنِ عيسى،
عن عُبَيْدِ االله بنِ عبد االله الدِّھْقانِ، عن دُرُسْتَ الو اسِطي، عن إبراھيمَ بنِ عبدِ الحَميدَِأَقْدمِھِمْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقوبَ
الكُلَيْنِيِّ ـ رضوانُ االله عليه ـ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ، عن أبي الحسنِ موسى عليه السّلام قالَ: «دَخَلَ رَسُولُ االله صلّى
االله عليه وآله وسلم الْمَسْجِدَ فَإِذَا جَمَاعَةٌ قَدْ أَطَافُوا بِرَجُلٍ، فَقَالَ: مَا ھذَا؟ فَقيلَ: عَلاَّمَةٌ، فَقَالَ: وَمَا الْعَلاَّمَةُ؟ فَقَالُوا
لَهُ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِأَنْسَابِ العَرَبِ وَوَقَائِعِھَا وَأَيّامِ الجَاھِلِيَّةِ وَالأَشْعَارِ العَرَبِيَّةِ، قَالِ: فَقَالَ النَّبيُّ صلّى االله عليه وآله
وسلم: ذاكَ عِلْمٌ لاَ يَضُرُّ مَنْ جَھِلَهُ وَلاَ يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَهُ، ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ صلّى االله عليه وآله وسلم: إنَّما العِلْمُ ثَلاَثَةٌ:
418 آيَةٌ مُحْكَمَةٌ أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ، وَمَا خَلاھُنَّ فَھُو فَضْلٌ»
.
الشرح:
ورد في بعض النسخ مكان (ما ھذا)، (من ھذا). واستعمل صلوات االله عليه (ما ھذا) لأجل التحقير.
و (العَلاّمة) صيغة المبالغة، والتاء أيضاً للمبالغة والمعنى كثير العلم جداً.
إعلم أنه ذكر في المنطق بأن (من) للسؤال عن الشخص وكلمة (ما) للسؤال عن الحقيقة أو عن شرح الاسم
ومفھومه. وعندما قالوا لرسول االله صلى االله عليه وآله وسلم أن ھذا الرجل علاّمة، استفھم رسول االله صلى االله
عليه وآله وسلم عن تصورھم لحقيقة العلامة، ومغزى علمه، ولھذا سأل بكلمة (ما). فإنه قد تجعل الأوصاف
العنوانية ـ العلامة ـ وسيلة للسؤال عن الذات. مثل ما إذا كان الإنسان عارفاً لحقيقة الوصف ولكنه يجھل الموصوف
فيسأل حينئذ بكلمة من ويقول من العلامة؟ وأما إذا كان الشخص معروفاً والوصف مجھولاً أو أن الغرض قد تعلق
بمعرفة الوصف فقط فيسأل حينئذٍ بكلمة (ما) ويتوجه السؤال نحو الوصف فقط لا الموصوف مع الوصف ولا
الموصوف فقط. وفي ھذا الحديث الشريف لمّا قالوا إن ھذا الرجل علاّمة، تعلق غرض خاتم النبيين نحو معرفة
حقيقة الوصف حسب زعمھم فقال (وما العلامة؟) ولم يقل (من العلامة؟) أو (لماذا يقال له العلامة؟) أو (ما
السبب في كونه علامة؟).
وما ذكرناه أوضح ممّا حققه محقق الفلاسفة وفيلسوف المحققين صدر
المتألھين ـ قدس االله نفسه ـ في شرح ھذا الحديث الشريف الذي يوجب ذكره الإطالة والخروج عن المقصد.
فصل: أقسام العلوم النافعة
اعلم ـ قد تقدم سابقاً ـ بأن للإنسان ـ إجمالاً وبصورة كلية ـ نشآت ومقامات وعوالم ثلاث:
الأولى ـ نشأة الآخرة، وعالم الغيب، ومقام الروحانية والعقل.
الثانية ـ نشأة البرزخ وعالم متوسط بين العالمين، ومقام الخيال.
الثالثة ـ نشأة الدنيا ومقام المُلك وعالم الشھادة. ولكل منھا كمال خاص وتربية خاصة وعمل يتناسب مع
نشأته ومقامه، وأن الأنبياء عليھم السلام يتولّون بيان تلك الأعمال.
فجميع العلوم النافعة تنقسم إلى ھذه العلوم الثلاثة:
علم راجع إلى الكمالات العقلية والوظائف الروحية. وعلم راجع إلى الأعمال القلبية ووظائفھا. وعلم راجع إلى
الأعمال القالبية الخارجية، ووظائف النشأة الظاھرة للنفس.
أما العلوم التي تقوّي العالم الروحاني، والعقل المجرد وتربيتھما فھي: العلم بالذات المقدس الحق جلّ وعلا،
ومعرفة أوصافه الجمالية والجلالية، والعلم بالعوالم الغيبة المجردة مثل الملائكة وأصنافھم من أعلى مراتب
الجبروت الأعلى والملكوت الأعلى إلى نھاية الملكوت السفلي والملائكة الأرضية وجنود الحق سبحانه. والعلم
بالأنبياء والأولياء ومقاماتھم ومدارجھم، والعلم بالكتب المنزلية، وكيفية نزول الوحي، وتنزل الملائكة والروح. والعلم
بنشأة الآخرة وكيفية عودة الموجودات إلى عالم الغيب، وحقيقة عالم البرزخ والقيامة، وتفاصيل ذلك.
418
أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب فضل العلم، باب صفة العلم وفضلة، ح 1.
164
وملخص الكلام أن العلم الذي يرتبط بالعالم الروحاني والعقل المجرد، ھو العلم بمبدأ الوجود وحقيقته ومراتبه
وبسطه وقبضه وظھوره ورجوعه. ويتكفل بيان
ھذا العلم بعد الأنبياء والأولياء، الفلاسفة والعظام من الحكماء وأصحاب المعرفة والعرفان.
أما العلوم التي ترتبط بتربية القلب وترويضه والأعمال القلبية فھي: العلم بالمُنجيات الخُلقُيّة والمھلكات
الخُلقية، أي العلم بمحاسن الأخلاق مثل الصبر، والشكر، والحياء والتواضع، والرضا والشجاعة والسخاء والزھد
والورع والتقوى وغير ذلك من محاسن الأخلاق، والعلم بكيفية تحصيلھا وأسباب حصولھا ومبادئھا وشرائطھا.
والعلم بقبائح الأخلاق مثل الحسد والكبر والرياء والحقد والغش وحب الرئاسة والجاه وحب الدنيا والنفس وغير
ذلك، والعلم بمبادئھا التي تمنحھا الوجود، والعلم بكيفية التنزه عنھا. والذي يتولىّ بيان ھذه الأمور أيضاً الأنبياء
والأوصياء عليھم الصلاة والسلام ثم علماء الأخلاق وأصحاب الرياضة الروحية وذوي المعارف.
والعلوم التي تناط بھا تربية الظاھر وترويضه، علم الفقه ومبادئه، وعلم آداب المعاشرة وتدبير المنزل، وسياسة
المُدُن ويتكفل بشرحھا الأنبياء ثم الأولياء عليھم السلام ثم علماء الظاھر من الفقھاء والمحدّثين. ولابد من معرفة
كل واحد من ھذه المراتب الثلاث الإنسانية المذكورة مترابطة بدرجة، تنعكس آثار كل مرتبة على المرتبة الأخرى
من دون فرق في ذلك بين الأمور الكمالية، أو الأمور القبيحة المعيبة.
مثلا لو أن شخصاً قام بالوظائف العبودية والمناسك الظاھرية ـ حسب ما ھو لازم ومطابق لتوجيھات الأنبياء ـ
لانعكست من جرّاء أدائه لمسئولياته العبودية آثار على قلبه وروحه، حيث يحسن خلقه، وتتكامل عقائده. وھكذا
فان من يواظب على تھذيب خلقه وتحسين باطنه، يترك آثاراً على النشأتين الأخرويتين البرزخ والقيامة. كما أن
كمال الإيمان ومتانة العقائد يؤثران في النشأتين التاليتين. ويكون كل ذلك نتيجة شدة الارتباط بين المقامات
الثلاثة، بل التعبير بالارتباط بين العوالم الثلاثة من جھة ضيق الخناق لعدم وجود كلمة أخرى تعبّر عن مدى تداخل
كل منھا في الآخر. إذ لابد وأن نقول إنھا ـ العوالم الثلاثة ـ حقيقة واحدة، ذات مظاھر ثلاثة. وھكذا كمالات
المقامات الثلاثة مرتبطة بكمالات كل واحد منھا. من دون
أن يظن أحد أنه يستطيع أن يكون ذا إيمان كامل أو خلق مھذب من دون الأعمال الظاھرية، والعبادات الصورية.
أو يستطيع أن يجعل إيمانه كاملا وأعماله تامةً، رغم نقصان في خُلقة وعدم تھذيبه، أو يمكن أن يتم أعماله
الظاھرية ويكمّل محاسن أخلاقه من دون الإيمان القلبي. وھكذا عندما تكون الإعمال الصورية ـ الصلاة، الصوم،
والحج و.. ناقصة وغير واقعة على ضوء أوامر الأنبياء، لحصل حجاب في القلب وكدرة في الروح، وھما يمنعان من
نور الإيمان واليقين. وأيضا إذا كان الخلق الذميم معشعشا في القلب، لمنع من نفوذ الإيمان إليه.
فيلزم على طالب السفر إلى عالم الآخرة. والسالك على الصراط المستقيم للإنسانية أن يتمّعن في كل واحد
من المراتب الثلاث، ويشدد في المراقبة عليھا، ويصلحھا، ويرّوضھا ولا يلوي بوجھه عن كل واحد من الكمالات
العلمية والعملية.
لا يحسب بأن تھذيب الخلق أو ترسيخ العقائد أو موافقة ظاھر الشريعة، يكفيه، كما اكتفى بعض أصحاب
العلوم الثلاثة بكل واحد من الأمور الثلاثة. فمثلاً يقوم شيخ الإشراق في أول كتابه (حكمة الإشراق) بتقسيمات،
تعود إلى: كامل في العلم والعمل، وكامل في العمل وكامل في العلم، ويستفاد من ذلك أن كلا? من العلم الكامل
مع النقصان في العمل، أو العمل الكامل مع النقصان في العلم، يمكن أن يتحقق، واعتبر ذوي العلم الكامل، من
أھل السعادة، والمرتبطين بعالم الغيب والتجرد، ورأى أن مآلھم الانخراط في سلك العليّين والروحانيين.
ويرى بعض علماء الأخلاق، وتھذيب الباطن، أن منشأ جميع الكمالات تحسين الأخلاق وتھذيب القلب وأعماله،
ولا يرون دوراً للحقائق العقلية والأحكام الظاھرية، بل يعتبرونھا معوّقات في سبيل السالكين.
ويزعم بعض علماء الظاھر ـ الفقھاء ـ، أن العلوم العقلية والباطنية والمعارف الإلھية من الكفر والزندقة، ويعاندون
طلابھا وعلمائھا.
165
إن ھؤلاء الطوائف الثلاث الذين يعتنقون ھذه الآراء الثلاثة الباطلة، لمحجوبون عن المقامات الروحانية والنشآت
الإنسانية، ولم يتدبروا بصورة صحيحة في علوم الأنبياء والأولياء. ولھذا كان بينھم العداء سائداً دائماً، والافتراء
متبادلاً، وكان أحدھم يرمي الآخر بالباطل، مع أنھم جميعاً على الباطل ولكنھم يختلفون في تحديد مراتب
الباطل بمعنى أن أصحاب الطوائف الثلاث صادقون في تكذيب كل منھم للآخر، لا من جھة أن علمھم أو عملھم
باطل بصورة مطلقة، بل من جھة أن تحديدھم للمراتب الإنسانية بھذا المستوى ـ أن أصحاب الكمال العلمي ھم
العليون وأن أصحاب التھذيب للباطل ھم ذوو الكمالات، وأن أصحاب العلوم الظاھرية ھم المقربون عند االله ـ
وجعلھم العلوم والكمالات مقتصرةً على المجال الذي يرتأونه، يكون على خلاف الواقع.
إن رسول االله صلى االله عليه وآله وسلم قد قسمّ في ھذا الحديث الشريف العلوم إلى ثلاثة أقسام. ولاشك
أن ھذه العلوم الثلاثة، مرتبطة بھذه المراتب الثلاث كما تشھد بذلك العلوم السائدة في الكتب الإلھية وسنن
الأنبياء وأحاديث المعصومين عليھم الصلاة والسّلام، حيث تكون العلوم لديھم مقسّمة إلى ھذه الأقسام الثلاثة:
أحدھما: ـ العلم باالله وملائكته وكتبه ورسله ويوم الآخر، فإن الكتب السماوية وخاصة الكتاب الإلھي الجامع
والقرآن الربوبي الكريم مشحونة، من ذلك، بل نستطيع أن نقول إن الشيء الوحيد الذي تصدّى كتاب االله لذكره
أكثر من غيره، ھو ھذا العلم، مع الدعوة إلى المبدء والمعاد على أساس براھين صحيحة ووضوح كامل ذكرھا
المحققون.
وأما القسم الثاني والثالث فلا ذكر لھما بمقدار القسم الأول.
وإن أحاديث أئمة الھدى عليھم السلام في ھذا المجال ـ القسم الأول من العلوم الثلاثة ـ تفوق حدّ الإحصاء.
ويتضح ذلك عند مراجعتنا للكتب المعتبرة لدى جميع العلماء رضوان االله عليھم مثل كتاب (الكافي) الشريف
و(توحيد الصدوق) وغيرھما.
وھكذا وردت بالنسبة إلى تھذيب النفس وإصلاح الأخلاق وتعديلھا، آيات في الكتاب الإلھي، وأحاديث مأثورة
عن أھل البيت عليھم السلام، فوق المستوى المتصور، ولكن تلك الآيات وھذه الروايات أصبحت لدينا نحن
المساكين والمبتلين بالآمال والأماني، مھجورة وغير معتبرة ولا نبالي بھا. وسيأتي يوم يؤاخذنا
االله سبحانه عليھا، ويحتج علينا، ويتبرأ منا ـ نعوذ باالله ـ الأئمة الأطھار عليھم السلام، لبراءتنا من أحاديثھم
وعلومھم. نعوذ باالله من سوء العاقبة وشر الختام.
وإن الأحاديث العائدة إلى الفقه والمناسك الظاھرية، مشحونة بھا في كل كتبنا ولا نحتاج إلى عرضھا وذكرھا.
إذا إتضح أن علوم الشريعة منحصرة في ھذه الأقسام الثلاثة، حسب حاجات الإنسان، والمقامات الإنسانية
الثلاثة. ولا يحقّ لأحد من العلماء في ھذه العلوم الثلاثة أن يطعن في الآخر، ولا يجب على الإنسان إذا جھل علماً
أن يكذبه ويتطاول على صاحبه. وكما أن العقل السليم يعتبر التصديق من دون تصور من الأغلاط والقبائح
الأخلاقية، فكذلك التكذيب لشيء من دون تصوّر بل حاله أسوء وقبحه أعظم. فإذا سألنا االله سبحانه يوم القيامة،
وقال مثلا أنتم لم تكونوا تعرفون معنى وحدة الوجود حسب مسلك الحكماء، ولم تتعلّموه من الإنسان المتخصص
في ذلك العلم وصاحب ذلك الفن، ولم تحصلوا على علم الفلسفة ومقدماتھا فلماذا أھنتم القائل بھا وكفّرتموه
من دون معرفة؟
فماذا نملك من جواب أمام ساحة قدسه حتى نجيب عليه، عدا أن نطأطأ الرأس حياءاً وخجلاً؟ ولا يقبل
الاعتذار بأنني ھكذا زعمت في نفسي. إن لكل علم مبادئ ومقدمات ولا يتسير فھم ذلك العلم الا بعد استيعاب
تلك المقدمات، وخاصّة مثل ھذه المسألة الدقيقة التي استنزفت جھود أجيال تلو أجيال، ومع ذلك يصعب فھم
أصل الحقيقة ومغزاھا بصورة دقيقة.
166
إن الشيء الذي بحثه الحكماء والفلاسفة آلاف السنين ودقّقوا فيه، ھل تريد أن تدرك بعقلك الناقص، الموضوع
بواسطة دراسة كتاب واحد أو قصيدة واحدة من قصائد المثنوي؟ وقطعاً لا تستطيع أن تدرك شيئا من ذلك. «رَحِمَ
419 االله امْرَءاً عَرَفَ قَدْرَهُ وَلَمْ يَتَعَدَّ طَوْرَه»
.