التصريف
قواعد إجراء الإنصات والاستنباط
التقعيد استنادا لمحاور الحركة النسخية
يستند إجراء الإنصات والاستنباط إلى المقارنة بين النظائر، مما يكفل للقرآن أن تتجلى قدرته على النطق وحيا. ولما كان لكل ناطق لغته، فان القرآن له لغته التي ينطق بها، مما يتطلب من المتلقي دراسة قواعدها المنظمة لها، والتعرف على مفردات معجم اللغة القرآنية، وعلى طرق التعبير القرآني عن ذاته، وعلى أشكال الاقتران، وأنماط الوحي الصادر عن كل شكل من أشكال الاقتران. فدراسة تلك الأشكال تكشف عن تولد مترادفات غير مألوفة، تشكل مفردات لغة القرآن، كما يكشف عن قواعد لصنع وإنتاج تلك المترادفات، التي تتمثل كما في أي لغة ، في صيغة إشارات وإيحاءات. فإذن، الهدف من هذه الدراسة تقعيد لغة القرآن في تصريفها لمفرداتها ورموزها وإشاراتها وآياتها، التي تولد الإيحاءات المعاني المصطلح عليها بالوجوه، ثم التعرف على آلية التعويض في خطابات الكتاب التي تكون آنذاك بمثابة معادلات تحتاج للتعويض في معطياتها، باعتبارها مجاهيل المعادلة، أو المكاملة بينها من أجل إنجاز عملية نطق الكتاب بالمعلومات المفصلة والمحدثة.
وهذه اللغة الإشارية أو الإيحائية التي يتكلم بها القرآن، والتي بها يخاطب العقول، تنتمي إلى اللغة التي يتحدث عنها الإمام علي: ((وسَمِعَتْ عنهم آذان العقول وتكلموا من غير جهات النطق، فقالوا: ... ))، وهذا ما يتطلب أن يكون ثمة وسيط بين الكتاب والناس يترجم لغة القرآن، التي لا تشبه كلام البشر ولا فعل البشر، كما يقول الإمام علي(ع): ((ومن كتاب الله، عز وجل، ما يكون تأويله على غير تنزيله، ولا يشبه تأويله بكلام البشر، ولا فعل البشر))، وهو الأمر الذي يجعل تلك اللغة بعيدة عن عقول البشر، عندما يريدون أن يتمثلون معانيها ويتفهمونها من خلال تصوراتهم للغة في ممارستها، التي يعكسها الظاهر. يقول الإمام الباقر في هذا الصدد، لمخاطبه جابر: ((إِنَّ لِلْقُرْآنِ بَطْناً ولِلْبَطْنِ بَطْناً ولَهُ ظَهْرٌ وَلِلظَّهْرِ ظَهْرٌ يَا جَابِرُ ولَيْسَ شَيْءٌ أَبْعَدَ مِنْ عُقُولِ الرِّجَالِ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ إِنَّ الآية يَكُونُ أَوَّلُهَا فِي شَيْءٍ، وَآخِرُهَا فِي شَيْءٍ، وهُوَ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ مُتَصَرِّفٌ عَلَى وُجُوهٍ)).
فكان لابد من وجود ذلك الخبير المتخصص بلغة القرآن، المصطلح عليه بالراسخ في العلم، فهو الذي يعرف تأويل المنطق القرآني، بشهادة قوله تعالى: (ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم)7/3، وهو ما يجعل الراسخ هو ترجمان القرآن، وعنه يقول الإمام علي: ((استنطقوا القرآن ولن ينطق بلسان، [بل ينطق بعضه ببعض]، ولابد له من ترجمان)). فكما إن الأجنبي عن اللغة يحتاج إلى المترجم الذي يخوله التعاطي مع أهل اللغة التي لا يعرفها، كذلك الأمر بالنسبة لمن أراد أن يفهم لغة القرآن، يفتقر إلى المترجم الذي يترجم له المنطق القرآني باعتبار ما له من تفرد وخصوصية. والبديل الأخر أن يتعلم القارئ لغة القرآن فيستغني عن المترجم. وهو ما تهدف تحقيقه هذه الأوراق التي بين يدي القارئ، إذ تسعى للتعريف بلغة القرآن العظيم..
ويمكن تحرير قواعد علم التأويل استنادا إلى تقعيدين اثنين:
التقعيد الأول: يستند إلى حركة الآيات على المحاور الإبدالية: بالتعويض، والفصل، والوصل، والتقديم والتأخير، والقلب(العكس)، وحركة المكونات الأولية، التي تقوم على تحريك الشكل، الإعجام، وحروف هجاء الكلمات.
التقعيد الثاني: يستند إلى العناوين التي يتصرف إليها ركنا الدائرة التأويلية، (المتشابه/المحكم)، حيث يتصرفان إلى عناوين كثيرة: الناسخ/المنسوخ، العام/الخاص، المبهم/المبين، الإجمال/التفصيل، الظاهر/الباطن، العزيمة/الرخصة، القول/المثل، الضد/وضده، السؤال/الجواب، الحلال/الحرام.
وبناء على هذين التصنيفين للقواعد يمكن إنجاز عرضين ومشهدين لقواعد التأويل، عرض يلحظ علم التأويل من ناحية محاور حركة مكونات الخطاب، والعرض الأخر يلحظ الموضوع من ناحية تصرف العنوان الرئيس في علم التأويل ...
القاعدة (1):الإبدال تعويضا
إن الخطاب لكي يكون مبينا يحتاج إلى تفسير مفرداته بألفاظ مرادفة، والخطاب القرآني يقوم بهذه العملية من خلال قاعدة الإبدال تعويضا، كما يقوم بصنع مفردات لغته، ويحدد العلاقة التفسيرية بينها اقترانا، فهذه القاعدة تكشف عن ترادف المقترنات المكانية والتناظرية، التي إليها يلجأ الباحث عندما يتشابه عليه اللفظ في الخطاب القرآني، فيوظف هذه القاعدة في الكشف عن المرادف الذي يمكن التعويض به عن اللفظ المتشابه، فيمنح الخطاب صفة الإفصاح عن معناه وإحكام دلالاته، مما يخول الباحث فهم وجوه عبارات الكتاب. بهذا نكتشف ان هذه القاعدة هي التي عليها المعول في صنع معجم مفردات لغة القرآن..
في هذا الإطار، يمكن تحديد نوعين من اقتران مكونات الخطاب، الأول/الاقتران في إطار الخطاب الواحد، وفيه تتجاور الكلمات بعضها إلى جنب بعض، ويمكن أن نصطلح عليه بـالاقتران المكاني، فهذا نمط من أنماط الاقتران الذي له إيحاءاته. والنوع الآخر من الاقتران، يستند إلى تناظر لفظي أو معنوي بين خطابين متباعدين مكانيا، وهو الذي يمكن الاصطلاح عليه بـالاقتران التناظري، لانتقالنا إليه عبر التناظر. وهو النمط الثاني من أنماط الاقتران الذي له إيحاءاته.
إذا عرفنا حقيقة هذين النمطين من الاقتران، يمكن أن نفهم القاعدة الأولى التي تقوم على تأويل القرين بقرينه، وتفسير اللازم بملزومه، سواء أكان الاقتران مكانيا فيه تفسر الكلمة الأخرى المجاورة، أو تناظريا فيه تفسر الكلمة في الخطاب بالكلمة في خطاب مناظر. حيث التناظر بين خطابين يجعلهما خطابا واحدا، تؤول كلمات الخطابين إلى بعضها، فينقلب الاقتران التناظري إلى اقتران مكاني تماما. ويمكن التدليل على هذا الترادف بين الاقتران المكاني والآخر التناظري، بالمثالين التاليين:
في التطبيق الأول، ووفقا لقاعدة ترادف المقترنات التناظري، فان قوله تعالى: (وينهى عن الفحشاء والمنكر)90/16، يؤدي إلى أن (الفحشاء) المقترنة بـ (المنكر) بينهما علاقة ترادف، وهذا المحصل الذي دل عليه الاقتران المكاني نجده ذاته يدل عليه الاقتران التناظري أيضا، عند المقارنة بين الآية الآنفة: (وينهى عن الفحشاء والمنكر)90/16، وبين نظيرها: (يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر)157/7، فيدل التناظر بين المقطعين في(ينهى): (ينهى عن الفحشاء) و(ينهاهم عن المنكر)، عن أن الفحشاء هي المنكر ...
في تطبيق ثان، نجد أن توظيف قاعدة الاقتران المكاني على قوله تعالى: (إنما يأمركم بالسوء والفحشاء)169/2، يثبت أن (السوء) المقترن مكانيا بـ (الفحشاء) يترادفان، وإذا ما بحثنا المسألة في إطار قاعدة الاقتران التناظري، نقارن بين الآية الآنفة: (إنما يأمركم بالسوء والفحشاء)169/2، وبين نظيرها: (ويأمركم بالفحشاء)268/2، فالتناظر بين الآيتين في اللفظ المشترك بينهما (يأمركم) يدل على أن (السوء) يترادف مع (الفحشاء).
هكذا نخلص إلى النتيجة المهمة، التي نكتشف فيها أن ما يثبت بالاقتران المكاني هو ذاته يمكن البرهنة عليه بالاقتران التناظري. وان القاعدتين يصدق بعضها بعضا. وان القاعدة الأولى والقاعدة الثانية، هما وجهان لحقيقة واحدة. وبالاعتماد على هاتين الطريقتين من الاقتران يمكن اكتشاف مفردات اللغة القرآنية، وبهذه الطريقة يصنع القرآن ثروته اللفظية، فكل الكلمات المقترنة مكانيا أو تناظريا تترادف فيما بينها، ويمكن إحلال بعضها محل بعض، وإقامة بعضها مقام بعض، فتترابط تلك المفردات بعلاقة الإبدال والتعويض.
أ) الإبدال المكاني
ففي اقتران الوحدات اللفظية في الخطاب الواحد ينتج الاقتران المكاني، الذي فيه تتساوى قيم تلك الوحدات اللفظية، فيؤول بعضها إلى بعض، ويمكن التعويض عن بعضها ببعض، وتفسير بعضها ببعض، (فمثلا حدث قدوم سيارة البريد المرتقب لأهل قرية نائية، كل شهر، حين يحدث قد يعبر عنه أهل القرية بإحدى العبارات التالية: «جاء البريد / حضر الساعي / أتت السيارة / قدم جوزيف ( اسم الساعي ) / وصلت الرسائل، فكل هذه العبارات تفيد معنىً واحداً للسامع، مما يدلل على ترادف دلالاتها، وهو ما يؤدي إلى ترادف كلمات تلك العبارات، فبالإضافة إلى الترادف القائم بين: «جاء» وأخواتها، كما هو واضح في المثال، هناك ترادف غير مألوف يقوم بين «البريد: الساعي: السيارة: جوزيف: الرسائل»(*).
بالإمكان ملاحظة عدة إشارات لغوية، رغم اختلافها، إلا أنها صدرت عن عدد من الناس، يستهدفون التعبير بها عن مشهد يحدث أمامهم، فسنلاحظ في خطاباتهم تتعدد الإشارات والعبارات اللغوية مع بقاء دلالتها واحدة، لوجود سياق واحد ومنظومة مرجعية واحدة، ترجع إليها تلك الإشارات والعبارات، وسنلاحظ في هذه التجربة، كيف تمارس تلك المنظومة المرجعية، التي يمثلها السياق دور الواهب للمعاني والمانح للوجوه، وكيف تشحن الإشارات، رغم اختلافها بالمعاني والدلالات الموحّدة، نتيجة وحدة السياق ووحدة المرجعية التي تستند إليها تلك الإشارات.
ففي هذا النموذج نجد الدلالة ثابتة، والقوالب اللفظية هي المتحولة والمتعددة. وفي ذلك صورة أخرى لتعدد الوجوه، فالعلاقة بين هذه المترادفات هي علاقة إبدالية. يمكن وضع بعضها محل البعض الآخر، مع بقاء المعطى الناتج على حاله. فهذه النتيجة تعلل كيف تترادف إشارات اللغة فيما بينها، لتنتظم كلها في سلسلة واحدة، لنقف على مشهد فيه إشارات اللغة جميعها تنتمي إلى أسرة واحدة، وتنتظم في شجرة عائلية، كل إشارة فيها تختزن اللغة بأسرها. مما يجعل الإشارة اللغوية تمتلك طاقة تعبيرية هائلة، كما تمتلك ذلك، الذرة، والحبّة، وفرع الشجرة، باعتبار أن الإشارة اللغوية تشكل إشارات اللغة وجوهها، وهي قادرة على تمثيلها وتقمصها. وان ذلك يخوّل ممارس اللغة، توظّف تلك الطاقة التعبيرية الكامنة للإشارات اللغوية، في الاتجاه الذي يشاء، وبالكيفية التي يشاء، لتعبر عما يشاء.
رغم ذلك فان علاقة الترادف أو التبادل التي دل عليها هذا التطبيق، تمثل وجها من الوجوه، يكشف كيف تترادف الإشارات اللغوية المختلفة. إلا أن لعلاقة التبادل غير المألوفة، وجهها الآخر المألوف، الذي فيه تختلف هذه الإشارات في دلالتها. إلا أن اختلافها ينتج عنه ارتباط إشارات السياق، ومكونات منظومته ببعضها، من خلال علاقة تكاملية، فيها تتكامل تلك المترادفات المتبادلة للمواقع. لتنتج إلى جانب علاقة التبادل علاقة التكامل، كوجه آخر لعلاقة التبادل، لتنجم عن تلك الإشارات المترادفات، الجملة التكاملية التالية: «أحضر الساعي جوزيف الرسائل من البريد بالسيارة»، ليتبين أن التوظيف اللغوي محكوم بِمبدأين: مبدأ التبادل، ومبدأ التكامل.
بل هذا يجعل مبدأ التكامل بين إشارات السياق دليلا، على وجود مبدأ التبادل بين مكوناته مطلقا، بحيث تكون الإشارات في تكاملها دالة على ترادفها، كما في الجملة المذكورة، لتتحول علاقة التلازم إلى علاقة تبادل، فيها تبدل الكلمة بالأخرى كرديف، وتؤول بها، فينسخ بعضها بعضا ويحل بعضها محل البعض الآخر. فعلاقة التبادل هذه بمثابة التوحد، الذي فيه تتحد صورة احدهما بالأخرى بصيغة اندماجية، تختزل فيها الإشارة الكل بداخلها، فتحليل العبارات المترادفة، في المشهد المتقدم، كشف أن كل عبارة كانت تلحظ وجها من وجوه الحدث، فتعبر عن جملة وجوه الحدث، بذكر وجه من تلك الوجوه، فتتحول الإشارة بوجهها الظاهر حينئذ إلى الرمزية، لتدل على مجمل الوجوه الباطنة المسكوت عنها.
وهذه الطريقة في التعبير تكفل الإيجاز والاختزال في توظيف الناس للغة في حياتهم اليومية. فمُطلق عبارة: «أتت السيارة»، كان يريد أن يجمل في هذه الجملة كل العبارات الأخرى، فأراد أن يقول بعبارة تفسيرية: (أتت السيارة، أي جاء البريد، أي حضر الساعي، أي قدم جوزيف، أي وصلت الرسائل)، ولو أحد قال له: لِمَ لم تخبرني انه حضر الساعي؟! فانه سيحتج عليه بالقول: ألم تسمعني! أنني قلت: أتت السيارة؟! ليعبر باحتجاجه عن اختزان عبارته الوجه المسئول عنه، كما تختزن بقية الوجوه. فهذه العبارة المقتضبة بكل تفسيراتها تعني الجملة التكاملية: (أحضر الساعي جوزيف الرسائل من البريد بالسيارة ).
مما يؤدي بنا إلى الاستنتاج، بان هناك ترادفا بين العلاقة الإبدالية والعلاقة التكاملية، وان علاقة التكامل تدل بالضرورة على علاقة التبادل. فهناك مبدأ ذو وجهين؛ التبادل هو الوجه الأول، والتكامل هو الوجه الثاني. وان الناس في حياتهم اليومية يعتمدون على الإنشاءات اللغوية، التي تعتمد على الاختصار، أو بالأحرى على تقنية العبارة المضغوطة، المعبرة عن وجه واحد من وجوه الواقع، وهو الوجه المستكنه لبقية الوجوه، معولين على ذهنية المتلقي في استحضار بقية الوجوه المختزنة من خلال عملية الاستنباط، باستثمار السياق المشترك كمنظومة مرجعية بين ذهنية المرسل والمستقبل، مما تكفل نجاح التواصل بالتقاط المستقبل رسالة المرسل)([i]) .
وهنا مجموعة من النماذج التي تكشف عن علاقة الترادف القائمة بين كلمات الجملة الواحدة، وكيف يصنع القرآن من خلالها مفردات معجمه اللغوي، الذي يؤسس للغته الخاصة:
النموذج الأول:
قوله تعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)134/3 ، يتولد عن الاقتران المكاني قائمة من الكلمات المترادفة التي يؤول بعضها إلى بعض: (الكاظمون) (العافون) (المحبوبون) (المحسنون)(*).
النموذج الثاني:
قوله تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)216/2، يؤول (القتال) إلى (الكره) (الخير)، (الحب) (الشر)، بلحاظ أن النفس تكره الشر، في الوقت الذي تحب فيه الخير. فإذا كَرَهت القتال الذي ثبت انه خير، وتحب السلم الذي ثبت انه شر، فإنها بذلك تحب المكروه(:الشر)، وتكره المحبوب(:الخير). إلى جانب حبها بالفطرة الخير المحبوب، وكرهها بالفطرة الشر المكروه.
بذلك صارت مكونات الخطاب الآنف كلها تؤول إلى بعضها، ويمكن توظيف قائمة المترادفات في فهم آيات أخرى(**).
النموذج الثالث:
قوله تعالى: (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين)161/6، فتؤول هذه المقترنات المكانية إلى بعضها، لتكون (الهداية) هي (الصراط المستقيم): (الدين): (القيم): (الملة): (إبراهيم): (الحنيفية): (نفي الشرك). ويمكن تعويض بعضها مكان بعض وإقامة بعضها محل بعض لتفهم بها خطابات قرآنية أخرى(·).
النموذج الرابع:
قوله تعالى: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين)120/16، المقترنات المكانية، ههنا، تؤول إلى بعضها: (إبراهيم): (أمة): (قانتا لله): (حنيفا): (التوحيد: لم يكن من المشركين). ويمكن التعويض بها لفهم خطابات أخرى(ð).
النموذج الخامس:
قوله تعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون)35/21، فالمقترنات المكانية للخطاب تؤول إلى بعضها: (الابتلاء)(الفتنة): (الخير): (الشر)، (الرجوع)، ويمكن استثمار هذه القائمة في فهم مكونات خطابات أخرى(q).
النموذج السادس:
قوله تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي الموتى وأنه على كل شيء قدير)6/22، المقترنات المكانية في الخطاب تؤول إلى بعضها: (الله) هو (الحق): (المحيي أو الحياة): (القدير أو القدرة). ويكمن التعويض بمكونات هذه القائمة لفهم خطابات أخرى(§).
النموذج السابع:
قوله تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)33/7، فمكونات الآية تؤول إلى بعضها: (الحرام): (الفواحش): (الإثم): (البغي): (غير الحق): (الشرك) (الافتراء: أن تقولوا على الله ما لا تعلمون). ويمكن استثمار هذه القائمة في فهم مكونات خطابات أخرى(©).
النموذج الثامن:
قوله تعالى: (والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش)37/42، فمكونات الخطاب المتلازمة تؤول إلى بعضها (الاجتناب): (الكبائر): (الإثم): (الفواحش)، ويمكن استثمار هذه القائمة في فهم مكونات خطابات أخرى (*)..
النموذج التاسع:
قوله تعالى: (اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله)61/2، نظم الخطاب يوضح أن (الهبوط) يؤول إلى (الذلة): (المسكنة): (غضب الله)، ويمكن استثمار هذه القائمة في فهم مكونات خطابات أخرى( à).
النموذج العشر:
قوله تعالى: (ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى)66/20، فهذا النظير يعرف المفردات التالية بعضها ببعض: (الحبال) (العصي) (السحر) (الخيال)، ويمكن استثمار هذه القائمة او بعض مفرداتها في فهم مكونات خطابات أخرى (·).
النموذج (11):
قوله تعالى: (وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون، فلما جاء سليمان قال أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون)35-3/27، نظم الخطاب يوضح أن الـ (هدية) تؤول بـ (الرسالة: إني مرسلة بهدية)، وتؤول إلى (المدد: أتمدونني ..) وإلى (المال: أتمدونني بمال). ويمكن توظيف ذلك في فهم خطابات أخرى(*).
النموذج (12):
قوله تعالى: (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)53/33، مؤول بالنظير: (لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون)14/59، ينسخ النظير وجه (حجاب) في وجهين باطنيين هما (محصنة) (جدار). فالحجاب قد يفسر بالمحصنة أي بالمرأة العفيفة: (أن ينكح المحصنات المؤمنات)25/4، فمحصنة مفرد محصنات، كما أن محصنة، قد يفسر بالزوج: (قرى محصنة)، أي زوجا محصنات بأزواجهن. فيترتب على ذلك فهم الآية قيد النظر، فاسألوهن من وراء حجاب (محصنة) أي من وراء أزواجهن، أي بواسطة النساء أو زوجها، واجتناب الحديث المباشر.
النموذج (13):
ويمكن الاستدلال بمكونات الخطاب المكانية على الوجوه التي تنصرف إليها حروف الجر، ويمكن توظيف النظائر في تحديد تلك الوجوه، ونموذج ذلك تصريف وجوه (من)، في العرض التالي:
تكون للتبعيض كقوله تعالى: (ومنهم من كلم الله)253/2.
وللتعليل نحو قوله تعالى: (مما خطيئاتهم أغرقوا)25/71.
وللبدل نحو قوله تعالى: (أرضيتم بالحيوة الدنيا من الآخرة)39/9.
وبمعنى (عن)، نحو قوله تعالى: (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله)22/39.
وبمعنى (الباء) نحو قوله تعالى: (ينظرون من طرف خفي)45/42.
وبمعنى (في) نحو قوله تعالى: (وإذا نودي للصلاة من يوم الجمعة)9/62.
وبمعنى (عند) نحو قوله تعالى: (لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا)10/3.
وبمعنى (على) نحو قوله تعالى: (ونصرناه من القوم)77/21، أي على القوم.
وتكون مفصلة، وهي الداخلة على ثاني المتضادين نحو قوله تعالى: (والله يعلم المفسد من المصلح)220/2.
ومفسرة نحو قوله تعالى: (وينزل من السماء من جبال فيها من برد)43/24. وقوله: (واجتنبوا الرجس من الأوثان)30/22.
وكثيرا ما تقع بعد ما ومهما نحو قوله تعالى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها)2/35، وقوله: (مهما تأتنا به من آية)132/7.
وللتأكيد في قوله تعالى: (وترى الملائكة حافين من حول العرش)75/39، وقوله تعالى: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)4/33. فأدخلت (من) توكيدا كما تقول رأيت زيدا نفسه.
وبمعنى (مذ) كما في قوله تعالى: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم)108/9. حيث تقول العرب: ما رأيته من سنة أي مذ سنة.