كنزالعلوم الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولدردشة

 

 الاربعون حديث 20

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابومحمدالحسن
مدير المنتدى
مدير المنتدى
ابومحمدالحسن


عدد المساهمات : 870
تاريخ التسجيل : 22/09/2010

الاربعون حديث 20 Empty
مُساهمةموضوع: الاربعون حديث 20   الاربعون حديث 20 I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 09, 2018 4:41 pm

فصل: في بیان حالات القلوب
ونحن نقدم الحديث عن قلب المؤمن حتى يتبین وضع القلوب الأخرى عند مقارنتھا مع قلب المؤمن.
لا بد من معرفة أنه قد ثبت بكل وضوح في العلوم الفلسفیة العالیة والمعارف الإلھیة الحقة أن حقیقة الوجود،
ھي حقیقة النور، وإنھما عنوانان يحكیان عن حقیقة بسیطة واحدة، من دون أن يكون ھناك تكثّر وتعدّد. وثبت أيضاً
أن كل ما يعدّ كمالاً وتماماً فھو عائد إلى الوجود بعینه. وھذا من المبادئ الأساسیة المباركة التي من تشرّف بھا
واستوعبھا، تنفتح علیه أبواب المعارف. وأما نفوسنا الضعیفة فھي قاصرة وعاجزة حقاً عن إدراك تلك الحقیقة
اللھم إلا إذا توفرت له نجدة غیبیة، وتوفیق أزلي إلھي.
ومن الواضح أيضاً أن الإيمان باالله من نوع العلم ومن الكمالات المطلقة، وحیث أنه من الكمالات فھو أصل
الوجود، وأصل حقیقة النور والظھور، وما لا يكون من الإيمان وتوابعه، فھو خارج عن نطاق الكمالات النفسیة
الإنسانیة، وملحق بظلمات الأعدام والماھیات.
في بیان أن قلب المؤمن أزھر
إذن: تبین أن قلب المؤمن أزھر. وفي «الكافي» الشريف بسنده إلى أبي عبداالله الصادق علیه السّلام قال:
قَالَ لَنا ذاتَ يوم تَجِدُ الْرَّجُلَ لا يُخْطىءُ بِلامٍ وَلاَ واوٍ خَطِیباً مُصْقِعاً ولقَلْبِهِ أشَدّ ظُلْمَةً مِنْ اللَّیْلِ المُظْلِمِ، وَتَجِدَ الرَّجُلَ
٦٣٢ لا يَسْتَطِیعَ أنْ يُعَبّر عَمَا فِي قَلْبِهِ بِلِسانِه وَقَلبِه يَزْھَرُ كَمَا يَزْھَرُ المَصْباحَ
.
وإنه أيضاً يسلك الصراط المستقیم، وينتھج في سیره الروحاني الجادة السوية الإنسانیة. وذلك:
أولاً: لم يخرج قلب المؤمن من الفطرة التي فطرھا االله والتي عجنھا الحق المتعالي وخمّرھا، بیديه الجمالیّة
والجلالیة فترة أربعین صباحاً، وعلیه ينتھج قلب المؤمن على ضوء فطرة التوحید التي ھي التوجه والانشداد إلى
الكمال المطلق والجمال التام، ولا محالة يكون ھذا السیر الروحاني لقلب المؤمن من مرتبة الفطرة المخمّرة حتى
منتھى الكمال المطلق من دون أدنى اعوجاج وانحراف. وھذا ھو الطريق الروحاني المستقیم، والجادّة المستويّة
الغیبیة. وأما القلوب الأخرى فھي خارجة عن فطرتھا ومجانبة للسبیل المستقیم. وقد نقل عن رسول االله صلى
٦٣١
أصول الكافي، المجلد الثاني، باب في ظلمة قلب المنافق، كتاب الإيمان والكفر، ح٣..
٦٣٢
أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب في ظلمة قلب المنافق، ح١.
٢٢٧
االله علیه وآله وسلم أنه رسم على الأرض خطاً مستقیماً ثم رسم خطوطاً متقاطعة للخطّ المستقیم ثم قال أن
الخط المستقیم ھو صراطي ومنھجي.
في بیان أن المؤمن على الصراط المستقیم
وثانیاً: إن المؤمن يتبع الإنسان الكامل. ولمّا كان الإنسان الكامل مظھراً لجمیع الأسماء والصفات، ومربوباً للحق
المتعالي بالإسم الجامع، لم تكن لإسم غلبة على آخر في التصرف في الإنسان الكامل، وكان ـ الإنسان الكامل ـ
مثل ربهِ المتعالي وجوداً جامعاً من دون تفوق مظھرية اسم على آخر. وإحتوى على مقام الوسطیة والبرزخیة
الكبرى، وتم سیره على الصراط المستقیم الطريق الوسط الذي ھو الاسم الجامع. وأما الكائنات الأخرى فیكون
كل واحد منھا مظھراً لإسم من الأسماء المحیطة أو غیر المحیطة، ومتصرفاً فیه، ويكون مبدئه ومعاده نفس ذلك
الإسم. وأما الإسم المقابل له ففي الغیب والباطن، ولا يتصرف في ذلك الكائن إلا من خلال أحديه جمیع الأسماء،
ولا يسمح لنا المقام شرح ذلك. فإذن الحق المتعالي في مقام الإسم الجامع ورب الإنسان، على الصراط
. بمعنى مقام الوسطیة والجامعیة من ٦٣٣ المستقیم كما ورد في القرآن الكريم (إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ)
دونِ غلبة صفة على أخرى، وظھور أسم دون آخر.
ويكون مربوب الذات المقدس الموجود في مقام الوسطیة والجامعیة على الصراط المستقیم أيضاً، من دون
ترجح مقام على مقام، وشأن على شأن. كما يطلب ھذا المر بوب، في معراجه الصعودي الحقیقي، ولدى
منتھى وصوله إلى مقام القرب، بعد عرضه العبودية على الذات المقدس، وإرجاع كل عبادة وعبودية من كل عابد
إلى الذات المتعالي، وحصر الإعانة في جمیع مقامات القبض والبسط في ذاته جلّ جلاله بقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِینُ) يطلب ھذا المربوب قائلاً (اھْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ). وھذا الصراط ھو الصراط الذي يھیمن علیه رب
الإنسان الكامل، على وجه الربوبیة والظاھرية ـ الإظھار والخلق ـ ويكون دور الإنسان الكامل، المربوبیة والمظھرية ـ
المخلوق ـ.
وأما الموجودات الأخرى، والسائرون إلى االله، فلا تنتھج الصراط المستقیم، بل تنزع إمّا نحو جانب اللطف
والجمال، أو نحو جانب القھر والجلال.
وأما المؤمنون فلما كانوا تابعین في مسیرتھم للإنسان الكامل وواضعین خطاھم في موضع أقدامه وسائرين
على ضوء نور ھدايته ومعرفته، ومستسلمین للذات المقدس للإنسان الكامل، غیر معتمدين على أنفسھم خطوة
واحدة في سیرھم الروحاني إلى االله، فلما كان المؤمنون كذلك يسلكون أيضاً الصراط المستقیم، ويكون حشرھم
مع الإنسان الكامل، ووصولھم تبعاً لوصول الإنسان الكامل، شرط محافظتھم على صفاء قلوبھم من تصرّف
الشیاطین والإنیة والأنانیة، بل ويستسلمون في المسیر كلیاً للإنسان الكامل ومقام الخاتّمیة.
في بیان مكائد الشیطان
ومن التصرفات الخبیثة للشیطان، إضلال القلب وإزاغته عن الصراط المستقیم وتوجیھه نحو فاتنة أو شیخ
مرشد. ومن إبداع الشیطان الموسوس في صدور الناس، الفريد من نوعه، ھو أن مع بیان عذب وملیح، وأعمال
مغرية، قد يعلق بعض المشائخ بشحمة أذن فاتنة جمیلة ويبرر ھذه المعصیة الكبیرة بل ھذا الشرك لدى العرفاء،
بأن القلب إذا كان متعلقاً بشيء واحد، استطاع أن يقطع علاقاته مع الآخرين بصورة أسرع، فیركّز كلّ توجھه أولاً
على الفتاة الجمیلة بحجة أن القلب ينصرف عن غیرھا وأنه منتبه إلى شيء واحد ثم يقطع ھذا الارتباط الوحید
ويركّز قلبه على الحق المتعالي. وقد يدفع الشیطان بإنسان أبله نحو إنسانٍ أبله، نحو محیّا مرشد مكّار وحش،
بل شیطان قاطع للطريق ويلتجئ في تبرير ھذا
الشرك الجليّ إلى أن ھذا المرشد ھو الإنسان الكامل، وإنه لا سبیل للإنسان في الوصول إلى مقام الغیب
المطلق إلا بواسطة الإنسان الكامل المتجسد في المرآة الأحدية للمرشد، ويلتحق كّل منھما حتى نھاية عمرھما
بعالم الجن والشیاطین: حیث يفكر المرشد في جمال معشوقه ومفاتنه، وھذا الإنسان البسیط بتركیز الانتباه
٦٣٣
سورة ھود، آية: ٥٦.
٢٢٨
على محیا مرشده البائس المنكوس حتى آخر حیاته. فلا تنسلخ العقلة الحیوانیة عن ھذا المرشد، ولا يبلغ
الإنسان الأبله الأعمى إلى منشوده ومبتغاه.
ولا بد من معرفة أن المؤمن لمّا كان سیره في ھذا العالم معتدلاً، وقلبه سوياً، وتوجّھه نحو االله وصراطه
مستقیماً، كان في ذلك العالم أيضاً صراطه مستقیماً وواضحاً، وجسمه معتدلاً وصورته وسیرته وظاھره وباطنه في
صورة الإنسان وھیئته. وعند مقارنة قلب المشرك مع قلب المؤمن، نستطیع أن نفھم موقع قلب المشرك
ومصیره، فحیث أن قلبه قد خرج عن الفطرة الإلھیة، وانحرف عن النقطة المركزية للكمال، وعن بحبوحة النور
والجمال، وابتعد عن التبعیة للھادي المطلق والولي الكامل، وانشغل بأنیته وأنانیته بالدنیا وزخارفھا، لم يحشر
المشرك في العوالم الأخرى في سیرة الإنسان وصورته المعتدلة، وإنما يحشر في صورة حیوان منكوس الرأس،
لأنه الھیئة والصورة في ذلك العالم تتبع القلوب، وأن الظاھر ھناك ظلّ لباطن الإنسان ھنا، وأن القشر انعكاس
للبّ وأن موادّ ذلك العالم لا تأبى الأشكال الملكوتیة الغیبیة، كما ھو شأن المواد في ھذا العالم التي لا تقبل
الأشكال المختلفة. وقد ثبت كل ذلك في محلّه بالدلیل والبرھان.
فالقلوب التي أعرضت عن الحق والحقیقة، وخرجت عن فطرتھا المستقیمة وأقبلت على الدنیا، ألقت بظلالھا
على ذلك العالم حیث يخرج أصحابھا ھناك من الاعتدال ويكونون منكوسین، ومتجھین نحو عالم الطبیعة والدنیا
التي تعتبر أسفل السافلین. فمن المحتمل أن يمشي بعض مكباً على وجھه وتكون ساقه نحو الأعلى ويمشي
بعض على بطنه، وبعض على يديه ورجلیه، كما كان اتجاھه في ھذا العالم (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبا عَلَى وَجْھِهِ أَھْدَى
. فمن الممكن أن ھذا الاستعمال المجازي في ھذا العالم المجازي، ٦٣٤ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ)
يتحول إلى واقعیة وحقیقة في عالم الحقائق والظھور للروحانیات والغیبیات.
لقد فَسّرت الأحاديث الشريفة: «الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ» المذكور في نھاية ھذه الآية المباركة بالإمام أمیر
المؤمنین علیه السّلام والأئمة المعصومین علیھم السلام:
عن الكافي بإسناده عن أبي الحسن الماضي علیه السّلام قال: قُلْتُ: أفَمَنْ يَمْشي مُكِبّاً عَلى وجْھِهِ أھْدى
أمْ مَنْ يَمْشي سَوِيّاً على صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ؟ قالَ: «إنَّ االلهَ ضَرَبَ مَثَلاً، من حَادَ عَنْ وِلاَيَةِ عَلِيٍّ علیه السّلام كَمَنْ
يَمْشي عَلى وَجْھِهِ لا يَھْتَدِي لأَمْرِهِ، وَجَعَلَ مَنْ تَبِعَهُ سَوِيّاً عَلى صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ، وَالصِّراطُ الْمُسْتَقِیمُ أمیرُ الْمُؤْمِنین
٦٣٥ علیه السّلام»
.
وعن الفضیل قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبي جَعْفَرَ علیه السّلام الْمَسْجدَ الحَرامِ وَھُو مُتَّكىءٌ عَلَيّ فَنَظَرَ إلَى النَّاسِ وَنَحْنُ
عَلَى بَابِ بَنِي شَیْبَةَ فَقالَ يا فُضَیْلُ ھكَذا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الجاھِلّیةِ لاَ يَعْرِفُونَ حَقْاً وَلاَ يَدِينُونَ دِيناً يا فُضَیلُ أنْظر
إلَیْھِم مُكبّینَ عَلَى وُجُوھِھِمَ لَعَنَھَمُ االله مِنْ خَلْقٍ مَسَخَھُمْ رَبَّھُمْ مُكِبّینَ عَلَى وُجُوھِھِمْ ثُمّ تَلا ھذه الآية «أَفَمَنْ
يَمْشِي ـ الخ» مُكِبّاً عَلَى وَجْھِهِ أھَدْى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَويّاً عَلى صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ يَعْنِي عَلیّاً عَلِیه السّلام
٦٣٦ وَالأوْصیاء عَلَیھمُ السَّلام.
ونحن قد ذكرنا بأن الإنسان الكامل يمشي في سیره الباطني الغیبي على الصراط المستقیم، وأما بیان أن
الإنسان الكامل بنفسه يكون صراطاً مستقیماً، فھو خارج عن مقصدنا وھدفنا فعلاً.
تتیمم: في بیان قلب المنافق، واختلافه مع قلب المؤمن
تبیّن من الفصل السابق وضع قلب المؤمن والمشرك بل الكافر أيضاً. وتبّین حال قلب المنافق لدى المقارنة مع
قلب المؤمن أيضاً. فإن قلب المؤمن لم يخرج من فطرته النقیة الناصعة الطاھرة، وكلما يُلقى علیه من الحقائق
الإيمانیة والمعارف الحقة يتلقّاھا بالقبول، ويبقى الإنسجام بین الطعام والمتغذي، بین المدرك ـ بفتح الراء ـ
والمدرك ـ بكسر الراء ـ من المعارف والحقائق من جھة ومقام الفطرة للقلب من جھة أخرى. ولھذا عبر عن قلب
٦٣٤
سورة الملك، آية: ٢٢.
٦٣٥
أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة، باب فیه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح٩١.
٦٣٦
روضة الكافي، ح٤٣٤.
٢٢٩
وھذا الفتح وإن أمكن أن يكون إشارة ٦٣٧ المؤمن في حديث آخر منقول في كتاب «الكافي» الشريف بـ «المفتوح»
إلى إحدى الفتوحات الثلاثة، ولكنه أيضاً يتناسب مع ھذا المعنى الذي ذكرناه.
وأما قلب المنافق، فبما أنه قد علقت فیه الأقذار والظلمات التي تتنافى مع فطرة الإنسان مثل التعصّب
الجاھلي، والخلق الذمیم، وحبّ النفس والجاه وغیر ذلك مما لا تتناسب مع الفطرة، غدا مختوماً ومغلقاً ومطبوعاً
ورافضاً لتقبل كلام الحق نھائیاً، ومضاھیاً لصفحة سوداء لا تجدي النقوش معھا والرسوم علیھا، مع العلم بأن
تمسكه بالديانة والتظاھر بھا، وسیلة شیطانیة لتسییر أموره وتطوير دنیاه.
ولابد من معرفة أن قلب المشرك والمنافق منكوس ومطبوع، كما ھو واضح، ولكن اختصاص كل من القلبین
بأحدھما من أجل أن المشرك لدى عبادته يخشع قلبه لغیر المعبود الحقیقي ولغیر الكمال المطلق، فیكون لقلبه
خاصیتان وخصوصیتان أحدھما الخضوع الصادق المتمثل في العبادة ثانیتھا أنه لمّا كان ھذا الخضوع للناقص
والمخلوق، كان سبباً للنقص والكدر في القلب، فیكون قلبه منكوساً، وھذه صفة بارزة للمشرك. وأما المنافق فھو
في الحقیقة قد يكون مشركاً فیساوي المشركین في انتكاس قلبه، ويمتاز علیھم أيضاً بخصوصیّة أخرى ـ تذكر
بعد قلیل ـ. وقد يكون المنافق كافراً وجاحداً في الواقع، لجمیع الشرائع، فھو أيضاً منكوس القلب، ولكن تتوفر فیه
خصوصیة أخرى بارزة أكثر ھي أنه يصغي إلى الحق بحسب الظاھر ويعیش مع أھل الحق، وتطرق سمعه أحاديث
الحق كما تطرق سمع المؤمنین كلمات الحق ولكن المؤمنین لصفاء باطنھم تكون قلوبھم مفتوحة فیلتقونھا
بالقبول التام، وأما المنافقون فلأجل الكدر والظلمات المحیطة بقلوبھم تكون قلوبھم مطبوعةً ومختومة فترفض تلك
الكلمات وتجحدھا.
ثم إن تعرّض الحديث لخصوص صفتین من صفات المؤمن (إنْ أَعْطاهُ شَكَرَ وَإن ابْتَلاهُ صَبَرَ) من أجل أن لھاتین
الصفتین من صفات المؤمنین خصائص ومزايا لا تتواجد في غیرھا من الصفات، فإنھما من أمّھات الصفات الجمیلة،
وتتفرّع منھما صفات جمیلة أخرى. ونحن قد ذكرنا شیئاً قلیلاً منھما عند شرحنا لبعض الأحاديث المتقدمة.
ومن أجل أن ھاتین الصفتین ـ أيضاً ـ من صفات الجلال والجمال، القھر واللطف، المتجلّیتان بالعطاء والابتلاء.
فإن الابتلاء وإن كان من صفات اللطف والجمال، ولكنه حیث يكون ظاھراً بالقھر، جعل منه. كما ذكرنا في بحث
أسماء الحق وصفاته. والمؤمن ينھض دائماً بالعبودية بین ھذين التجلّیین.
ختام: في بیان أن الغفلة عن الحق المتعالي تبعث على إنتكاسة القلب
تبین من العرض المتقدم أن النفوس المنكبّة على الدنیا، والملتھیة بتعمیرھا والمنصرفة عن الحق، تكون
منكوسة، رغم أنھا تعتنق الإيمان بالمبدأ والمعاد، لأن المقیاس في انتكاس القلوب، ھو الغفلة عن الحق
والانشغال بالدنیا وتعمیرھا. وھذا الإيمان بالمبدأ والمعاد إما لا يعدّ إيماناً وعقیدة كما ذكر في شرح بعض الأحاديث
السابقة، أو أن الإيمان يكون ناقصاً وبسیطاً جداً، وعلیه لا يتنافى مع انتكاس القلب، بل أن من يظھر الإيمان
بالغیب والحشر والنشر، ولا يخشى من ذلك، وأن إيمانه لا يدفع به إلى عمل الجوارح والأركان، يكون مثل ھذا
الإنسان منافقاً ولا يكون مؤمناً. ويمكن أن يكون مَثَل ھؤلاء المؤمنین الشكلیین، مَثَلَ قوم كانوا بالطائف ـ كما ورد
في الحديث إن أدرك أحدھم أجله على نفاقه ھلك وإن أدركه على إيمانه نجا ـ ونعوذ باالله من زوال ھذا الإيمان
الذي لیس له لُبُّ وجوھر ولا ھیمنة له في مُلك الجسم، ومن انتقال الإنسان من ھذه الدنیا على النفاق،
وحشره مع المنافقین. وھذا من الأمور الھامة التي لا بد أن تذعن لھا نفوسنا الضعیفة، ونھتم بھا ونكون حريصین
على تعمیق الإيمان في الظاھر والباطن والسّر والعلن، وكما ندّعي الإيمان في قلوبنا نجھد أنفسنا على ھیمنة
الإيمان على الظاھر أيضاً، حتى يتجذر الإيمان في القلب ولا يزول أمام عائق ومانع أو أي تغییر وتبديل، إلى أن يتمّ
تسلیم ھذه الأمانة الإلھیة، والقلب الطاھر الملكوتي الذي تخمر بالفطرة الإلھیة إلى الذات المقدس من دون أن
تمتد إلیه يد الشیطان والخیانة والحمد الله أولاً وآخراً.
٦٣٧
وقلب مفتوح فیه مصابیح تزھر. أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب في ظلمة قلب المنافق، ح٣ ص٤٢٣.
٢٣٠
الحديث الحادي والثلاثون: إن االله عزَّ وجلَّ لا يوصف
بالسَّند المتَّصل إلى الشَّیخ الجلیل أفضل المحدِّثین محمَّد بن يعقوب الكلینيِّ، عن عليِّ بن إبراھیم، عن أبیه،
عن حمّاد، عن ربعيٍّ، عن زرارةً، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: سَمعْتُهُ يقول: «إنَّ االلهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يُوصَفُ، وَكَیْفَ
يَوصَفُ» وَقالَ فِي كِتَابِهِ: «وَما قَدَرُوا االلهَ حَقَّ قَدْرِهِ» فَلا يوصَفُ بِقَدَرٍ إلاّ كانَ أعْظَمَ مِنْ ذلِكَ. وَإنَّ النَّبيِّ صلّى االله
علیه وآله وسلم لا يوصَفُ، وَكَیْفَ يوصَفُ عَبْدٌ احْتَجَبَ االلهُ عَزَّ وَجَلَّ بِسَبْعٍ وَجَعَلَ طاعَتَهُ فِي الأرْضِ كَطاعَتِهِ فِي
السَّماءِ فَقالَ: «وَما أتیكُمُ الرَّسُولُ فَخُذوهُ وَما نَھاكُمْ عَنْهُ فَانْتَھُوا» وَمَنْ أطَاعَ ھذا فَقَدْ أطاعَني وَمَنْ عَصاهُ فَقَدْ
عَصاني، وَفَوَّضَ إلَیْهِ. وَإنّا لا نوصَفُ، وَكَیْفَ يوصَفُ قَوْمٌ رَفَعَ االلهُ عَنْھُمُ الرِّجْسَ وھُوَ الشَّكُّ. وَالْمُؤْمِنُ لا يوصَفُ وَإنَّ
الْمُؤْمِنَ لَیَلْقى أخاهُ فَیُصافِحُهُ فَلا يَزالُ االلهُ يَنْظُرُ إلَیْھِما وَالذُّنُوبُ تَتَحاتُّ عَنْ وُجوھھما كَما يَتَحاتُّ الْوَرَقُ عَنِ
٦٣٨ الشَّجَرِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://treasure.own0.com
ابومحمدالحسن
مدير المنتدى
مدير المنتدى
ابومحمدالحسن


عدد المساهمات : 870
تاريخ التسجيل : 22/09/2010

الاربعون حديث 20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاربعون حديث 20   الاربعون حديث 20 I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 09, 2018 4:42 pm

الشرح:
قوله علیه السّلام: و«مَا قَدَرُوا االله» يقول الجوھري: (القدر كون الشيء مساوياً لغیره بلا زيادة ولا نقصان وإن
«قَدَر» بفتح الدال وسكونھا مصدر ومعناھا واحد. يقول االله سبحانه {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}
. أي ما عظّموا ٦٣٩
االله حق تعظیمه). انتھى.
يقول الكاتب الظاھر أن القدر بمعنى كون الشيء مساوياً لغیره، وھو كناية عن عدم القدرة على توصیف االله
وتعظیمه كما يجدر به سبحانه، و(قدره) وإن كان وصفاً ولكنه موصوف في صیاغة الوصف، وسنشیر إلى أن ھذا
التعبیر من غیر الحق المتعالي فبالنسبة إلى ذاته المقدس غیر میسور ولا جائز.
قوله علیه السّلام: «فَلا يوصَفُ بِقَدْرٍ» قال المرحوم المجلسي رحمه االله كان خصّ القدرة بالذكر لأنھا التي
يمكن أن تعقل في الجملة من صفاته سبحانه أو ھو على المثال ويمكن أن يقرأ بالفتح أي بَقَدر كما ورد في
وفي كتاب «الوافي» بِقُدْرَةٍ ولعله يكون بِقَدَرِهِ مع الھاء، كما ورد في بعض النسخ. وأما ٦٤٠ حديث آخر وھو أصوب
«بِقُدْرَةٍ» مع التاء فمن المظنون بل المقطوع به أنه من الأغلاط المطبعیة، وذلك لعدم صیرورة المعنى سلساً،
ولعدم صحتھا ـ القدرة ـ حسب ألفاظ الحديث حیث يعود إلینا الضمیر المذكور، وتأويل ذلك على خلاف القاعدة.
وإنما التجأ المرحوم المجلسي إلى ما نقلنا عنه، لكونه من باب ضیق الخناق، مع أنه لا وجه للتفرقة بین
وعدم ٦٤١ إمكان تعقل قدرة الحق إجمالاً حیث قال: «لأنھا التي يمكن أن تعقل في الجملة من صفاته سبحانه»
إمكان تعقل بقیة صفاته سبحانه. ولھذا نرى بأن مثل ھذا التبرير للتفرقة لم يكن موجھاً حتى عنده أيضاً. قال «وقد
٦٤٢ مرّ ھذا الجزء من الخبر من كتاب التوحید وفیه بقدر وھو أصوب»
.
قوله علیه السّلام «تَتَحاتُّ» قال الجوھري في الصحاح: «الْحَتُّ: حَكُّ الْوَرَقِ مِنَ الْغُصْنِ» وقال «تَحاتَّ الشيء:
تَناثَرَ».
ونحن نشرح ما يتناسب مع ھذا الحديث الشريف في فصول عدة.
فصل: في بیان المقصود من عدم توصیف الحق المتعالي
إعلم أن ما ورد في ھذا الحديث الشريف: «إن االله عز وجل لا يوصف» إشارة إلى أوصاف وصف بھا، بعض أھل
الجھل والجدل من المتكلمین، الحق المتعال. واستدعت ھذه الأوصاف التحديد والتشبیه، بل التعطیل كما أشیر
إلى ذلك في الحديث بقوله تعالى (وَمَا قَدَرُوا االلهَ حَقَّ قَدْرِهِ).
وفي باب النھي عن الصفقة بغیر ما وصف به نفسه تعالى من كتاب «الكافي» المبارك روايات تدّل على ذلك:
بإسناده عن عبدِ الرَّحیمِ بن عَتیكٍ الْقَصیر قالَ: «كَتَبْتُ عَلى يَدَيْ عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ أعْیَنَ إلى أبي عَبْدِ االله علیه
السّلام: إنَّ قَوْماً بِالْعِرَاقِ يَصِفونَ االلهَ بِالصُّورَةِ وَبِالتَّخطِیط (بِالتَّخاطیطِ ـ خ ل) فَإنْ رَأيْتَ جَعَلَنِيِ االلهُ فِدَاكَ أنْ تَكْتُبَ
٦٣٨
أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب المصافحة، ح١٦.
٦٣٩
سورة الأنعام، آية: ٩١.
٦٤٠
مرآة العقول، المجلد ٩ ،ص٧٠ ،ط دار الكتب الإسلامیة – طھران.
٦٤١
مرآة العقول، المجلد ٩ ،ص٧٠ ـ٧١ ط، دار الكتب الإسلامیة – طھران.
٦٤٢
الوافي، ج٥ ص٦١٣.
٢٣١
إلَيَّ بِالْمَذْھَبِ الصَّحِیح فِي التَّوحِیدِ. فَكَتَبَ إلَيَّ: سَأَلْتَ إلَيَّ رَحِمَكَ االلهُ عَنِ التَّوْحِیدِ وَما ذَھَبَ إلَیْهِ مَنْ قِبَلَكَ،
فَتَعَالَى االلهُ الَّذي لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَھُوَ السَّمیعُ الْبَصیرُ، تَعالى عَمّا وَصَفَهُ الْوَاصِفُونَ الْمُشَبِّھونَ االلهَ بِخَلْقِهِ
الْمُفْتَرُونَ عَلَى االلهِ».
فَاعْلَمْ ـ رَحِمَكَ االلهُ ـ أنَّ الْمَذْھَبَ الصَّحِیحِ فِي التَّوْحِیدِ ما نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ صِفاتِ االلهِ تَعالى، فَانْفِ عَنِ االلهِ
الْبُطْلانَ وَالتَّشْبیهَ، فَلا نَفْيَ وَلا تَشْبیهَ، ھُوَ االلهُ الثّابِتُ الْمَوْجُودُ، تَعالى عَمّا يَصِفُهُ الْوَاصِفُونَ، وَلا تعْدُوا الْقُرْآنَ
وبعد التدبر في صدر ھذا الحديث الشريف وذيله، يفھم بأنه لیس المقصود من ٦٤٣ فَتَضِلُّوا بَعْدَ الْبَیَانِ (التِّبْیانِ ـ خ ل)
نفي توصیف الحق سبحانه عدم التفكّر في صفات الحق المتعالي، وعدم توصیفه بصورة مطلقة، كما قال به بعض
المحدثین الأجلاّء، إذ ورد في ھذا الحديث وفي غیره من الروايات الأخرى الأمر بنفي التعطیل والتشبیه عنه
سبحانه، وھذا النفي لا يكون إلاّ بعد الوقوف على الصفات واستیعابھا. بل المقصود لدى أبي عبد االله علیه
السّلام، ھو عدم توصیفه بما لا يلیق بذاته المقدس الحق المتعالى، مثل إثبات الصورة والتخطیط وغیرھا من
صفات المخلوقین، التي تلازم الإمكان والنقص. تعالى االله عنه.
وأما توصیف الحق، المتعالي، بما يلیق ويجدر بذاته المقدس، والذي أقیمت علیه البراھین الصحیحة في العلوم
العالیة الفلسفیة، فھو أمر مطلوب، فإن كتاب االله سبحانه وسنة الرسول صلّى االله علیه وآله وسلم، وأحاديث
أھل البیت علیھم السّلام مشحونة من ذلك. كما أن الإمام الصادق علیه السّلام لَمَّح في ھذا الحديث الشريف
إلى أن المقیاسـفي إثبات الأوصاف للحق سبحانه ـ ھو البرھان الصحیح ويكون البحث في ذلك بعید عن مقصدنا.
وما أمر به الإمام الصادق علیه السلام في توصیف الحق سبحانه، من لزوم عدم الخروج عما في القرآن الكريم
بقوله «إنَّ الْمَذْھَبَ الصَّحیحَ في التَّوحِیدِ ما نَزَلَ بِه الْقُرآن مِنْ صِفاتِ االله»، توجیه لمن لا يستوعبون المقیاس من
صفات االله سبحانه، ولیس بمنع توصیف االله سبحانه بصفات لم تذكر في كتاب االله، ولھذا نرى بأن الإمام صلوات
االله علیه الذي أمر عبد االله بن علي بعدم توصیفه بوصف غیر مذكور في كتاب االله، ھذا الإمام بنفسه ينعت الحق
بصفتین لم يعھد بھما في القرآن الكريم وھما الثابت والموجود.
نعم إذا أراد شخص أن يصف الحق المتعالي بوصف من وحي عقله القاصر المشوب بالأوھام، من دون أن
يستنیر بنور المعرفة والسداد الغیبي، فیسقط إما في ضلال التعطیل والبطلان، وإما في ھلاك التشبیه. فعلى
أمثالنا الذين أسدلت على قلوبھم ستائر وحجبٌ غلیظة من الجھل والأنانیة والعادات البشعة والخلق الغلیظ الفظّ،
أن لا نتطرق إلى عالم الغیب، ولا ننعت إلھاً على ضوء إدراكنا، لأن ما يخطر ببالنا لا يكون إلاّ مخلوقاً لنا.
ولا يخفى بأن المقصود من منع أمثالنا التطرّق إلى عالم الغیب، لیس ھو الإبقاء في عالم الجھل والأنانیة أو
. أو المنع من الوقوف على ٦٤٤ والعیاذ باالله دعوة الناس إلى الإلحاد بأسماء االله (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ)
المعارف الإلھیة التي ھي عین الأولیاء ومصباحھم وأساس الديانات وقاعدتھا. بل إن نفس ھذا الكلام ـ الكف عن
التطرق لعالم الغیب ـ دعوة لإزالة ھذه الحجب الغلیظة، والانتباه إلى أن الإنسان ما دام ساقطاً في شباك حب
الجاه والمال والدنیا والنفس، ويكون مَثَلُهُ، مَثَل الكاتب الواقع خلف حجب الجھل والضلال والعُجب والأنانیة التي
ھي أغلظ الحجب، يكون بعیداً عن المعارف الحقة، ومحروماً من الوصول إلى ھدفه ومبتغاه. وإذا لم تصله ـ والعیاذ
باالله ـ نجدة غیبیة من الحق المتعالي أو أولیائه الكاملین، لا يعرف أحد المصیر والنھاية لھذا المسیر والحركة. اللّھُمَّ
إلَیْكَ الشَّكْوى وَأنْتَ الْمُسْتَعانُ.
إلھنا: نحن التائھین في عالم الجھل، والمتحیرين في وادي الضلال، والمثقلَّین بالعجب والأنانیة، نحن الذين
قدمنا على المُلك والمادّة، عالم الظلام، من دو أن نفتح أعین بصیرتنا، ونشھد جمالك المنیر في مرائي الصغار
والكبار، ونرى بصیصاً من نور الظاھر في أقطار السماوات والأرضین، ثم عشنا أيام حیاتنا بعیون عُمْي، وقلوب
مھجورة، وأمضینا عمرنا في جھل وغفلة.
٦٤٣
أصول الكافي، كتاب التوحید، باب النھي عن الصفة، ح١..
٦٤٤
سورة الاعراف، آية: ١٨٠.
٢٣٢
إلھنا إن لم تسعفنا وتسعنا رحمتك الواسعة، وعنايتك اللامتناھیة، وإن لم تلقِ في قلوبنا حرارة الحب وفي
صدورنا العشق وفي أعماقنا الجذبات الروحیة، لبقینا إلى الأبد في ھذه الحیرة، ولم نستطع أن نشقّ طريقنا
ولكن «ما ھكَذا الظَّنُّ بِك» إنك قد ابتدأت بالنعم وإن رحمتك قديمة لا مثیل لھا.
إلھنا: تفضّل علینا وكن في عوننا، وأھدنا إلى أنوار جمالك وجلالك، وأنر قلوبنا بضیاء أسمائك وصفاتك.
في بیان أن العلم بحقیقة الأسماء والصفات غیر میسور
لا يخفى على أحد بأن استیعاب حقیقة أوصاف الحق، والإحاطة بھا وبكیفیاتھا، من المسائل التي تكون يد
البرھان قاصرة عن الوصول إلى قممھا، وآمال العارفین مقطوعة عن البلوغ إلى مغزاھا. وما ذكر من البراھین
والآراء الدقیقة على يد علماء الحكمة والفلسفة أو في أبحاث الأسماء والصفات لأرباب المصطلحات العرفانیة،
يكون صحیحاً حسب مسلكھم ومبادئھم، التي ينطلقون منھا، ولكن نفس العلم حجاب غلیظ، فإذا لم يخرق ھذا
الحجاب بتوفیق من االله سبحانه في ظل التقوى الكاملة والترويض المجھد للنفس، والانقطاع التام الله والمناجاة
الصادقة معه، لم تُشرق في قلب السالك أنوار الجمال والجلال، ولم يشھد قلب المھاجر إلى االله، المشاھدات
الغیبیة، ولم يتمتع بالحضور العیني لتجلّیات الأسماء والصفات، فضلاً عن الحظوة بالتجلیات الذاتیة. وھذا المعنى
يجب أن لا يُحجم الإنسان عن البحث والطلب الذي ھو تذكر للحق سبحانه. إذ أن من النادر جداً، غرس الشجرة
الطیبة للمعرفة في القلب أو إنعاشھا ونضارتھا من دون بذر علوم حقة مع كافة شرائطھا المعھودة، فالإنسان لا بد
وأن يواظب في بدء الأمر على الرياضة العلمیة مع النھوض بجمیع شرائطھا ومتمّماتھا، ولا يسحب يده منھا حیث
قالوا: «العلوم بذر المشاھدات». وأن لم تنتج العلوم في ھذا العالم لأجل العوائق، نتیجة مجدية وتامة، لأثمرت
في عوالم أخرى ثمرات طیبة، ولكن المھم ھو النھوض بشرائطھما ومقدماتھا.
وقد تحدثنا عن بعض الشرائط والمقدمات لدى شرحنا بعضاً من الأحاديث المتقدمة.
فصل: في بیان أن العلم بحقیقة روحانیة الأنبیاء والأولیاء
لا يمكن أن يتم بالفكر والبرھان إعلم أنه لا يمكن معرفة روحانیة ومقام خاتم الأنبیاء صلّى االله علیه وآله وسلم
خاصة، والأنبیاء العظام والأولیاء المعصومین علیھم السّلام عامّة مع التفكر والتدبر وسیر الآفاق والأنفس لأن ھؤلاء
الأجلاّء، من الأنوار الغیبیة الإلھیة، والمظاھر التامّة، للجلال والجمال، وآياتھما الباھرة. وقد بلغوا في سیرھم
المعنوي، وسفرھم إلى االله الغاية القصوى، والفناء في الذات، ومنتھى العروج: (قابَ قَوْسَینِ أوْ أَدْنى)، رغم أن
صاحب المقام بالأصالة ھو النبي الخاتم صلّى االله علیه وآله وسلم، وأن الأنبیاء الآخرين السالكین لطريق العروج
يتبعون الذات المقدس للنبي الخاتم صلّى االله علیه وآله وسلم.
ونحن لسنا بصدد بیان كیفیة سیر خاتم الأنبیاء، وبیان الفارق بین معراجه الروحاني ومعراج جمیع الأنبیاء
والأولیاء علیھم السلام. وإنما نكتفي بذكر رواية واحدة تتحدث عن نورانیتھم، لأن إدراك نورانیتھم، يفتقر أيضاً إلى
نورانیة باطنیة وجذبة إلھیة.
الكافي: بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: «سَألْتُهُ عَنْ عِلْمِ الْعالِمِ، فَقالَ لي: يا جابِرُ، إنَّ
فِي الأنْبِیاءِ والأوْصیاءِ خَمْسَةَ أرْوَاحٍ: روحَ الْقُدُسِ وُروحَ الإيْمانِ ورُوحَ الْحیوةِ وَرُوحُ القُوَّةِ وُروحَ الشَّھْوَةِ. فَبِروحِ الْقُدُسِ ـ
يا جابِرُ ـ عَرَفُوا ما تَحْتَ الْعَرشِ إلى ما تَحْتَ الثَّرى. ثُمَّ قالَ: يا جابِرُ، إنَّ ھذه الأرْبَعَةَ أرْواحٍ يُصیبُھَا الْحِدْثانُ إلاّ روحَ
٦٤٥ الْقُدُسِ فَإنَّھا لا تَلْھو وَلا تَلْعَبُ».
وبإسناده عن أبي بصیر قال: سَألْتُ أبا عَبْدِااللهِ علیه السّلام عَنْ قَوْلِ االلهِ تَبارَكَ وتَعالى «وَكذلِكَ أوْحَینْا إلَیْكَ
روحاً مِنْ أمْرِنا ما كُنْتَ تَدْري مَا الْكِتابُ وَلاَ الإيْمانُ»، قالَ: «خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ االلهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى أعْظَمُ مِنْ جَبْرَئیلَ
وَمیكائیلَ، كانَ مَعَ رَسُولِ االلهِ صلّى االله علیه وآله وسلم يُخْبِرُهُ وَيُسَدِّدُهُ وَھُوَ مَعَ الأئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ صَلَواتُ االلهِ
٦٤٦ عَلَیْھِم».
٦٤٥
أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة، باب فیه ذكر الأرواح التي في الأئمة علیھم السلام، ح٢.
٦٤٦ الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة، باب الروح التي يسدد االله
... ح١.
٢٣٣
يفھم من الحديث الأول، أن للإنبیاء والأوصیاء علیھم السلام مقاماً شامخاً من الروحانیة يدعى بـ (روح القدس)
ومن خلاله يتمتعون بالإحاطة العلمیة القیّومیة لجمیع الكائنات حتى ذرّاتھا الصغیرة جدّاً، ولا توجد فیھا الغفلة
والنوم والسھر والنسیان وكافّة الحوادث والتغیّرات والنقائض المُلكیة، بل تكون من عالم الغیب المجرد، والجبروت
الأعظم. كما يستفاد من الحديث الثاني، أن تلك الروح المجردة الكاملة، أعظم من جبرائیل ومیكائیل علیھما
السلام رغم أنّھما أعظم القاطنین في مقام قرب الجبروت.
نعم إن الأولیاء، الذين تخمّرت طینتھم على يدي قدرة الجمال والجلال للحق المتعالي، وتجلّى سبحانه في
مرآتھم الكاملة، لدى التجلي الذاتي الأول بجمیع الأسماء والصفات ومقام أحدية الجمع، وتعلّموا حقائق الأسماء
والصفات في مقام غیب الھوية. إن مقام ھؤلاء الأولیاء أسمى وأرفع من أن تنال آمال أھل المعرفة أطراف كبرياء
جلالھم وجمالھم، وأن تبلغ خطوات معرفة أھل القلوب ذروة كمالھم. وفي الحديث النبوي الشريف «عَليٌّ
والكاتب قد وضع كتاباً متواضعاً في الأيام السابقة باسم (مصباح الھداية). وصف ٦٤٧ مَمْسوسٌ فِي ذاتِ االلهِ تَعالى»
فیه نبذة من مقام النبوة والولاية. مثل وصف الخفاش الشمس المضیئة للعالم.
فصل: في بیان معنى قوله علیه السلام كیف يوصف عبد احتجب االله عزّ وجلّ بسبع
ھناك احتمالات في ھذه الجملة المذكورة في الحديث الشريف «كَیْفَ يوصَفُ عَبْدٌ احْتَجَبَ االلهُ عَزَّ وَجَلَّ بِسَبْعٍ»
نذكر بعضھا:
الاحتمال الأول: ـ ما ذكره بعض العارفین ـ المحدث العارف الكامل المرحوم فیض الكاشاني رحمه االله تعالى ـ
أنه: (قد ورد في الحديث أن الله سبعین ألف حجاب من نور ظلمة لو كشفھا لأحرقت سبحات وجھه ما انتھى إلیه
بصره. وعلى ھذا فیحتمل أن يكون معنى قوله علیه السلام «احْتَجَبَ االلهُ بِسَبْعٍ» أنه صلّى االله علیه وآله وسلم
٦٤٨ قد ارتفعت الحجب بینه وبین االله تعالى حتى بقي من السبعین ألف سبع)
.
وبناءً على ھذا الاحتمال يكون التقدير ھكذا «احْتَجَبَ االلهُ عَنْهُ بِسَبْعٍ» فیكون اسم الجلالة فاعلاً لفعل
(إحَتَجَبَ). وھذا الاحتمال وإن كان أفضل الاحتمالات ولكنه لا يخلو من المناقشة. أما بحسب اللفظ فالمناسب في
مقام التوصیف والتعريف ھو التعبیر عن مقصوده ھذا بقوله «ما احْتَجَبَ عَنِ االلهِ إلاّ بِسَبْعٍ» أو «ما احتجب االلهُ عَنْهُ
إلاّ بِسبع» وبعبارة أخرى بناءً على مقصوده ذاك أن كمال النبي وعدم جواز توصیفه (وإن النبي صلى االله علیه وآله
وسلم لا يوصف) يكون بعدم وجود الحجب الأخرى ولیس بوجود الحجب السبعة، فكان من المناسب أن ينفي
الحجب مع أنه لم يفعل ذلك.
وأما بحسب المعنى فالظاھر أن ھذه الحجب التي (احتجب االله عز وجل بسبع) من حجب النور والظلمة أي
من الحجب الخلقیة أقرب من نور الرسول الأكرم صلى االله علیه وآله وسلم الطاھر، مع أنه قد يثبت أن ذاته صلّى
االله علیه وآله وسلم ھو الحجاب الأقرب والمخلوق الأول وإنه لا يوجد له حجب الأسماء والصفات، كما تقرر ذلك
في محلّه. وأما مقامات رسول االله صلى االله علیه وآله وسلم ولطائفة السبعة لا تكون أيضاً حجباً له.
الاحتمال الثاني: ما نقله المحدث الخبیر المرحوم المجلسي أعلى االله في القدس مقامه عن بعض الأعلام
ورآه وجیھاً (من أن ھذه الجملة تمھید لما بعدھا أي احتجب االله عن الخلق بسبع سماوات وجعله خلیفة في
عباده، وأناط طاعته بطاعته، وفوض إلیه أمور خلقه بمنزلة ملك جعل بینه وبین رعیته سبعة حجب وأبواب لم
يمكنھم الوصول إلیه بوجه، وبعث إلیھم وزيراً ونصب علیھم حاكماً وكتب إلیھم كتاباً تضمن وجوب طاعته وإن كل
من له حاجة فلیرجع إلیه فإن قوله قولي، وأمره أمري وحكمه حكمي، فاحتجابه بالسبع كناية عن عدم ظھور
وحیه وأمره ونھیه وتقديراته إلا من فوق سبع سماوات وإنما يظھر لنا جمیع ذلك ببیانه صلّى االله علیه وآله وسلم.
٦٤٩ وھذا وجهٍ وجیه خطر ببال القاصر سالفاً وإن وافقني على بعضه البعض.
٦٤٧
بحار الأنوار، المجلد ٣٩ ،ص٣١٣.
٦٤٨
مرآة العقول، المجلد ٩ ،ص٧١ طباعة دار الكتب الإسلامیة ـ طھران.
٦٤٩
مرآة العقول، المجلد ٩ ،ص٧١ ـ دار الكتب الإسلامیة ـ طھران..
٢٣٤
ولا ترد على ھذا الاحتمال المناقشة المتقدمة على معنى الرواية، كما يستبعد أيضاً ورود المناقشة على
ألفاظ الرواية، بل تكون أبعد من ورود المناقشة اللفظیة على الاحتمال الأول.
وھناك احتمال ثالث يتمتع بالصحة والقبول لدى النفس ويتناسب مع الموضوع أيضاً، ولكنّ صحته تتوقف على
أحد أمرين:
إما أن نعتبر أنّ «احْتَجَبَ» استعمل بمعنى «حَجَبَ»، ويكون متعدياً. وأما أن نجوّز تعدية «إِحَتَجَبَ» بالباء الجارّة
ويكون المفعول على كلا الاحتمالین مقدّراً محذوفاً. ويكون ھذا الاحتمال الثالث مع فرض صحة أحد الأمرين ھو:
كیف يوصف عبد، احتجبه الحق المتعالي بحجب سبعة، وجعل سبحانه لإبراز جمال عبده محمد بن عبداالله صلّى
االله علیه وآله وسلم وروحانیته، حجباً سبعة ابتداءً من الطبیعة وانتھاءً بالمشیّة المطلقة، أو ابتداءًا من عالم مُلكه
ـ صلّى االله علیه وآله وسلم ـ وطبیعته، حتى مقام غیب ھويته، وذلك منسمجاً مع عالم المشیة.
ولكننا لم نجد في اللغة العربیة وفي مجالات استعمال كلمة «احتجب» أنھا استعملت متعدية رغم تصريح
بعض علماء الأدب بجواز تعدية «احْتَجَبَ» بالباء. والعلمُ عندَ االلهِ «وَلَعَلَّ االلهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أمْراً».
فصل: في بیان معنى تفويض الأمر إلى رسول االله (ص)
كما ورد في ھذا الحديث الشريف والأحاديث الكثیرة الأخرى إعلم أن للتفويض معنى مذكوراً في أبحاث الجبر
والتفويض وھو أن الحق سبحانه قد عزل نفسه ـ والعیاذ باالله ـ عن التصرف القیوميّ في كل أمر من الأمور من
أقصى عالم من عوالم الغیب المجردة حتى منتھى النھايات من عالم الخلق والتكوين، وفوّض أمر ذلك إلى موجود
سواء كان كاملاً وتاماً وروحانیاً وصاحب اختیار وإرادة، أو كان طبیعیاً مسلوب الشعور والإرادة، يتصرف ـ ھذا الموجود
ـ بصورة تامة ومستقلّة. ومثل ھذا التفويض لا يمكن أن يكون لأحد، لا في عالم التكوين ولا في عالم التشريع
وسیاسة العباد وتأديبھم، وذلك من أجل أنّ ھذا التفويض يستلزم النقض والإمكان في الوجود الواجب، ونفى
الإمكان والحاجة في الممكن.
ويقابل التفويض ھذا، الجبر الذي يكون عبارة عن نفي الآثار الخاصّة عن مراتب الوجود ونفى الأسباب
والمسببات نھائیاً، وإلقاء الوسائط بصورة كلّیة. وھذا أيضاً باطل ومرفوض ومخالف للبراھین المحكمة. وھذا المعنى
من الجبر المرفوض لا يختص أيضاً بأفعال المكلفین، بل يعم عالم التكوين والتشريع كما ھو المشھور. فإن رفض
الجبر والتفويض بھذا المعنى الذي ذكرناه ھو سنّة االله الجارية في كافة مراتب الوجود، ومظاھر عالم الغیب
والشھود. والتحقیق في ذلك خارج عن نطاق ھذا الكتاب. والروايات التي تنفي الجبر والتفويض إنما تنفیھما
حسب المعنى المذكور. وأما الأخبار التي تقر التفويض في بعض الأحكام التشريعیة مثل ما نقل عن الكافي
بإسناده إلى أبي جعفر علیه السّلام قالَ وَضَعَ رَسُولُ االله صَلّى االله عَلَیْه وَآلهِ وَسَلَّم دِيَةَ الْعَیْنِ وَدَيِةَ النَّفْسِ وَحَرّمَ
النَّبِیذَ وَكَلّ مُسْكِرٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَضَعَ رَسُولُ االله صَلّى االله عَلَیه وَآلهِ وَسَلَّم مِنْ غَیْرِ أنْ يَكوُنَ جاءَ فِیه شَيء؟ قَالَ:
٦٥٠ نَعَمْ لِیَعَلمَ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَعْصِیهِ.
.
ومثله روايات أخرى بأن رسول االله صلى االله علیه وآله وسلم أضاف بعض الركعات على الصلوات، وجعل الصیام
في شھر شعبان مستحباً وصیام ثلاثة أيام من كل شھر مستحباً أو فُوِّضَ إلیه صلوات االله وسلامه علیه أمْرَ
الخلیقة مثل ما نقله الكافي:
بإسناده عن زُرارةَ قالَ: سَمِعْتُ أبا جعفر علیه السّلام وأبا عبد االله علیه السّلام يَقولانِ: إنَّ االلهَ عَزَّ وَجَلَّ فَوَّضَ
٦٥١ إلى نَبِیِّهِ أمْرَ خَلْقِهِ لِیَنْظُرَ كَیْفَ طاعَتُھُمْ، ثُمَّ تَلا ھذِهِ الآيَةَ: {ما اتیكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَھیكُمْ عَنْهُ فَانْتَھُوا}
.
وروايات أخرى مأثورة بھذا المعنى أيضاً. وأما ھذه الأخبار فقد فسِّرت على وجه آخر غیر المعنى المرفوض.
وذكر لھا علماؤنا الأعلام وجوھاً: منھا ما نقله المحدث الخبیر المجلسي رحمه االله عن ثقة الإسلام الكلیني وأكثر
المحدثین وھو: (أنه تعالى لما أكمل نبیه بحیث لم يكن يختار من الأمور شیئاً إلا ما يوافق الحق والصواب ولا يحلّ
بباله ما يخالف مشیته سبحانه في كل باب، فوّض إلیه تعیین بعض الأمور كالزيادة في ركعات الفرائض وتعیین
٦٥٠
أصول الكافي، المجلد١ ،كتاب الحجة، باب التفويض إلى رسول االله، ح٧.
٦٥١
أصول الكافي، المجلد١ ،كتاب الحجة، باب التفويض إلى رسول االله صلى االله علیه وآله وسلم، ح٣.
٢٣٥
النوافل من الصلاة والصیام وطعمة الجد وغیر ذلك مما سیأتي بعضھا في ھذا الكتاب ـ مرآة العقول ـ إظھاراً لشرفه
وكرامته عنده، ولم يكن أصل التعیین إلا بالوحي لا الاختیار إلا بالإلھام ثم كان يؤكد ما اختاره صلّى االله علیه وآله
٦٥٢ وسلم بالوحي)
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://treasure.own0.com
ابومحمدالحسن
مدير المنتدى
مدير المنتدى
ابومحمدالحسن


عدد المساهمات : 870
تاريخ التسجيل : 22/09/2010

الاربعون حديث 20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاربعون حديث 20   الاربعون حديث 20 I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 09, 2018 4:44 pm

وقد ذكر المرحوم المجلسي وجوھاً أخرى مثل تفويض أمور الخلق إلیھم ـ الأنبیاء ـ من سیاستھم وتأديبھم
وتكمیلھم وتعلیمھم. ومثل التفويض بیان العلوم والأحكام إلیھم بما أرادوا أو رأوا المصلحة فیھا بسبب اختلاف
٦٥٣ عقولھم وأفھامھم أو بسبب التقیة
.
ولكن لم يتحدث ھؤلاء الإجلاء في الوجوه المحتملة التي استعرضوھا عن كیفیة تفويض الأمور إلیھم على
أساس قاعدة محدّدة لم تتناف مع الأسس الصحیحة التي ينطلقون منھا. كما أنھم لم يشرحوا الفرق بین
التفويض الممكن عندھم والتفويض المستحیل. بل يظھر من كلام العلماء وخاصة المرحوم المجلسي رضون االله
تعالى علیه أن الإيمان (بالتفويض في الخلق والرزق والتربیة والإماتة والأحیاء إلى غیر الحق سبحانه، كفر صريح
وجعلوا الكرامات والمعجزات من قبیل استجابة الدعاء وأن الحق ٦٥٤ ولا يستريب عاقل في كفر مَنْ قال به)
سبحانه ھو الفاعل لكل ھذه الأمور. ولكنھم أجازوا التفويض إلیھم في تعلیم الناس وتربیتھم وفي منع الناس من
الأنفال والخمس أو الدفع إلیھم وفي تشريع بعض الأحكام.
وھذا البحث من الدراسات التي يَقلّ التوغل فیھا من قبل الباحثین، حتى يكون له إطار عام دقیق، وإن تنالوا
غالباً طرفاً من البحث وتحدثوا عنه.
وأنا ـ الكاتب ـ، أيضاً مع قصور الباع، ونقص في العلم والاستعداد، والقلم المتعثر، والقرطاس الممزق، لا
أستطیع أن أتوغل في ھذه الفلاة المترامیة الأطراف بصورة مفصلة. ولكنني مضطر لكي أشیر إجمالاً إلى ھذا
الموضوع على شكل نتیجة البرھان، ولا مھرب من عدم إظھار الحق.
في إشارة إجمالیة إلى معنى «التفويض»
لابد من معرفة أنه لا فرق أبداً في التفويض المستحیل المستلزم لمغلولیة يد االله وفاعلیة قدرة العبد وإرادته
بصورة مستقلة بین الأمور العظیمة أو الحقیرة. كما أن أمر الإحیاء والإماتة، والإيجاد والإعدام، وتحويل عنصر إلى
آخر لا يمكن أن يفوّض لموجودٍ، حتى أن تحريك قشّة أيضاً، لم يمكن أن يفوّض لا إلى ملك مقرّب ولا نبي مرسل
ولا إلى كائن ابتداءاً من العقول المجردة القاطنة في الجبروت الأعلى إلى المادة: الھیولى الأولى. وإن ذرات
الكائنات بأسرھا مسخرة تحت إرادة الحق سبحانه الكاملة، ولا استقلالیة لھا في أي عمل أبداً، وأن جمیع
الكائنات في وجودھا وكمالھا وحركاتھا وسكناتھا وإرادتھا وقدرتھا وكافة شؤونھا محتاجة وفقیرة، بل ھي فقر
خالص وخالص فقر. كما أنه لا فرق أبداً في قیّومیّة الحق، وعدم استقلال العباد، وظھور إرادة االله ونفوذھا وتغلغلھا
في كل شيء بین الأمور الكبیرة والصغیرة. وكما إننا العباد الضعاف قادرون على الأعمال البسیطة مثل الحركة
والسكون وأفعال أخرى صغیرة، فإن العباد المخلصین الله سبحانه والملائكة المجردين، قادرون على أعمال عظیمة
من الإحیاء والإماتة والرزق والإيجاد والإعدام. وكما أن ملك الموت يقوم بالإماتة، وعمله ھذا لا يكون من قبیل
استجابة الدعاء، وإن إسرافیل موكل بالإحیاء، وإحیائه لا يكون من قبیل استجابة الدعاء أو التفويض الباطل فكذلك
الولي الكامل، والنفوس الزكیة القويّة، مثل نفوس الأنبیاء والأولیاء، قادرة على الإعدام والإيجاد والإماتة والإحیاء،
بقدرة الحق المتعال، ولیس ھذا من التفويض المحالّ، ويجب أن لا نعتبره باطلاً. ولا مانع من تفويض أمر العباد، إلى
روحانیة كاملة، تكون مشیئته فانیة في مشیئة الحق، وإرادته ظلال لإرادة الحق، ولا يروم إلا ما يريده الحق، ولا
يتحرك إلا إذا كان موافقاً للنظام الأصلح، سواء كان في الخلق والتكوين أو التشريع والتربیة، كما وردت الإشارة إلى
ذلك في حديث ابن سنان المذكور في الفصل القادم بعد أسطر.
٦٥٢
مرآة العقول، المجلد ٣ ،كتاب الحجة، باب التفويض إلى رسول االله صلى االله علیه وآله وسلم، ح٣.
٦٥٣
مرآة العقول، المجلد ٣ ،كتاب الحجة، باب التفويض إلى رسول االله صلى االله علیه وآله وسلم، ح٣.
٦٥٤
مرآة العقول، المجلد ٣ ،ص١٤٣ ،طباعة دار الكتب الإسلامیة ـ طھران.
٢٣٦
وملخص الكلام أن التفويض بالمعنى الأول لا يكون جائزا في أي مجال من المجالات وأنه مخالف للبراھین
القاطعة. وأما التفويض بالمعنى الثاني فجائز في كافة الأمور بل إن النظام العام للعالم، لا يقوم إلا على أساس
٦٥٥ الأسباب والمسببات «أبَى االلهُ أنْ يُجْرِيَ الأُمُورَ إلاَّ بِأَسْبَابِھا»
.
واعلم بأن كل ما بیناه على سبیل الاختصار فھو من ثمار الأدلة والبراھین ومتطابق مع المقايیس الصحیحة
الفلسفیة، والمسلك العرفاني، والأخبار الشريفة واالله الھادي.
فصل: في الإشارة إلى مقام الأئمة علیھم السّلام
إعلم أن لأھل بیت العصمة والطھارة علیھم السّلام مقاماً روحانیاً شامخاً، في السیر المعنوي إلى االله، يفوق
قدرة استیعاب الإنسان حتى من الناحیة العلمیة، وأسمى من عقول ذوي العقول وأعظم من شھود أصحاب
العرفان. كما يستفاد من الأحاديث الشريفة، أنھم صلوات االله علیھم يشاركون الرسول الأكرم صلّى االله علیه وآله
وسلم في مقام الروحانیة وأن أنوارھم المطھرة كانت تسبّح وتقدس للذات المتعال قبل خلق العالم.
الكافي: بإسناده عن محمَّد بن سنان قالَ: «كُنْتُ عنْدَ أبي جعفر الثّاني علیه السّلام فَأجْرَيْتُ اخْتِلافُ الشِّیعَةِ
فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّ االلهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى لَمْ يَزَلْ مُتَفَرِّداً بِوَحْدانِیَّتِهِ، ثُمَّ خَلَقَ مُحَمَّداً وَعَلِیّاً وَفاطِمَةَ فَمَكثُوا ألْفَ دَھْرٍ، ثُمَّ
خَلَقَ جَمیعَ الأشْیاءِ فَأشْھَدَھُمْ خَلْقَھا وَأجْرى طاعَتَھُمْ عَلَیْھا وَفَوَّضَ أُمورَھا إلَیْھِمْ، فَھُمْ يُحِلُّونَ ما يَشاؤُونَ وَيُحَرِّمونَ
ما يَشاؤُونَ وَلَنْ يَشْاؤُوا إلاّ أنْ يَشاءَ االلهُ تَعالى.
ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، ھذِهِ الدِّيَانَةُ الَّتي مَنْ تَقَدَّمَھا مَرَقَ، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْھا مُحِقَ، وَمَنْ لَزِمَھا لَحِقَ، خُذْھا إلَیْكَ يا
٦٥٦ مُحَمَّدُ».
وبإسناده عَنِ الْمُفَضَّلِ قالَ: قُلْتُ لأبي عَبْدِااللهِ علیه السّلام: «كَیْفَ كُنْتُمْ حَیْثُ كُنْتُمْ فِي الأظِلَّةِ؟ فَقالَ: يا
مُفَضَّلُ، كُنّا عِنْدَ رَبِّنا، لَیْسَ عِنْدَهُ أحَدٌ غَیْرُنا فِي ظِلَّةٍ خَضْراء، نُسَبِّحُهُ وَنُقَدِّسُهُ وَنُھَلِّلُهُ وَنُمجِّدُهُ، وَما مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ
وَلا ذي رُوحٍ غَیْرِنا حَتّى بَدا لَهُ فِي خَلْقِ الأشْیاء فَخَلَقَ ما شاءَ كَیْفَ شاءَ مِنَ الْمَلائِكَةِ وَغَیْرِھِمْ، ثُمَّ أنْھى عِلْمَ ذلِكَ
٦٥٧ إلَیْنا»
.
إن الأحاديث المأثورة في طینة أبدانھم، وخلق أرواحھم ونفوسھم، وفیما منحوا من الاسم الأعظم، والعلوم
الغیبیة الإلھیة من علوم الأنبیاء والملائكة، ومما ھو أعظم مما لا يخطر على بال أحد، وھكذا الأخبار المنقولة في
فضائلھم في مختلف الأبواب من الكتب المعتبرة وخاصة كتاب أصول الكافي، إنّ مثل ھذه الأخبار كثیرة بقدر تبعث
على تحیر العقول، ولم يقف أحد على حقائقھم وأسرارھم علیھم الصلوات إلا أنفسھم. وھذا الحديث الشريف
الذي بین أيدينا يحتوي على إيمانه لفضیلة واحدة من فضائلھم، وھذه الفضیلة ھي آية التطھیر التي نزلت حسب
الأخبار المتواترة المنقولة عن طرق العامة والخاصة في أھل بیت العصمة علیھم السّلام، والمقصود من أھل
البیت في آية (إنّما يُرِيدُ االله لِیُذْھِبَ عَنْكُم الرّجْسَ أَھْلَ الْبَیْت) المباركة على ضوء اتفاق الشیعة والأخبار
المستفیضة أو المتواترة المأثورة في تفسیرھا، ھم آل بیت العصمة والطھارة الذين ھم يكونون من قبیل توضیح
الواضحات.
في بیان حقیقة العصمة:
لقد فُسر «اَلْرجْسِ» في ھذا الحديث الشريف وأَحاديث أخرى، بالشك، وفي بعض الأحاديث بالعیوب بأسرھا
فھم مطھرّون عنھا. وتبین من الشرح لبعض الأحاديث السابقة، إن نفي الشك يستلزم، نفي العیوب القلبیة
والقالبیة، بل يستلزم العصمة، لأنھا ـ العصمة ـ أمر على خلاف الإرادة والاختیار، وإنھا لا تكون من الأمور الطبیعیة
والجبلّیة، بل ھي حالة نفسیة، وأنوار باطنیة تتفجّر من نور الیقین الكامل والاطمئنان التام.
إن مصدر جمیع الخطايا والمعاصي التي تصدر من الإنسان، ھو النقص في الیقین والإيمان، وإن مراتب الیقین
والإيمان مختلفة على مستوىً لا يمكن عدّھا وبیانھا. وإن الیقین الكامل للأنبیاء والاطمئنان التام الذي يحظون به،
٦٥٥
نجد في كتاب أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة، باب معرفة الإمام والرد إلیه، ح ٧ من الأحاديث ما يكون مرادفا لھذا الكلام.
٦٥٦
أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة، باب مولد النبي صلى االله علیه وآله وسلم، ح٥ و٧.
٦٥٧
أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب الحجة، باب مولد النبي صلى االله علیه وآله وسلم، ح٥ و٧.
٢٣٧
الحاصلان من المشاھدة الحضورية ھو الذي يعصمھم من الآثام. إن يقین الإمام علي بن أبي طالب علیه السّلام
قد أبلغه إلى مستوى يقول (وَاالله لَوْ أُعْطِیتُ الأقالِیمَ السَّبْعَةِ بِما تَحْتَ أفْلاكِھا عَلى أنْ أَعْصَى االله في نَمْلَةٍ
٦٥٨ أسْلُبُھا جَلْبُ شَعِیرةٍ ما فَعَلتُهُ)
.
وملخص الحديث أن زوال الشرك والشك والتطھیر من أرجاس عالم الطبیعة وخبائثھا ومن ظلمات التعلق بغیر
الحق تعالى شأنه، وكدر الإنیة، وإزاحة الحجب الغلیظة من القلب والحاصلة من الأنانیه والتوجّه إلى غیر الحق
سبحانه. إن ھذا الابتعاد والتطھیر، يجعل صاحبه حسب الإرادة الأزلیة، من الأنوار القدسیة الإلھیة، والآيات التامة
الربوبیة، والخالصین المخلصین الله سبحانه، كما أنه مثل ھذا الإنسان يحقق مقاماً رفیعاً لا يمكن إخضاعه للوصف
غیب الھوية. نصف بیت شعر: أيھا الصیاد، ٦٥٩ والبیان، ولا تنال أيادي الآمال قمة جلاله مثله مثل عنقاء مُغرب
إسحب الفخ فإن أحداً لا يستطیع أن يصطاد العنقاء.
فصل: في بیان أن الإيمان لا يوصف
اعلم أن الإيمان أيضاً من الكمالات الروحیة، التي قلما يدرك أحد حقیقتھا النورية، حتى أن المؤمنین لم يعرفوا
شیئاً عن نورانیة إيمانھم، والكرامات التي تنتظرھم لدى ساحة قدسه المتعالي، ما داموا في عالم الدنیا، وظلام
الطبیعة.
إن الإنسان نتیجة عیشه في ھذا العالم، واندماجه مع الظروف السائدة، وأنسه بالعادات الجارية يقارن جمیع
نعم وكرامات ذلك العالم أو عذابه وخذلانه مع آلاء وآلام ھذا العالم المُلكي، فیقیس الكرامات التي وعد الحق
المتعال المؤمنین، والعطايا التي ذخرھا لھم، حسب ما حدّث عنھا الأنبیاء علیھم السّلام، بھدايا السلاطین
والأجلاّء، إلى الناس أو يعتبرھا، أحسن وأفضل بقلیل، ويفترض تلك النعم الأخروية مثل نعم ھذا العالم أو ألطف
وأمتع بقدر يسیر. مع أن ھذه المقارنة من القیاس الباطل.
إننا لا نستطیع أن نتصور نعم ذلك العالم ورَوْحه وريحانه، ولم يخطر على قلوبنا مثیلھا. إننا لا نتمكن أن ندرك
بأن جرعة من ماء الجنة تحتوي على كل اللذات المنظورة الممكنة، وأَنَّ كل لذّة تفترق عن لذّة أخرى، كما أن
كیفیة كل لذّة لا تضاھي اللذات الموجودة ھنا.
وفي ھذا الحديث الشريف، ذكر لكرامة من كرامات المؤمنین التي لا تقاس لدى أصحاب المعرفة وأرباب
القلوب، بأي شيء آخر، ولا تدخل في أي میزان ومقیاس، وھي: «وَإنَّ الْمُؤْمِنَ لَیَلْقى أخاهُ فَیُصافِحُهُ، فَلا يَزالُ االلهُ
يَنْظُرُ إلَیْھِما».
وفي الروايات الكثیرة إشارة أيضاً إلى ھذا المضمون ففي الكافي بإسناده عن أبي جعفر علیه السّلام قال:
«إنَّ الْمُؤْمِنَینِ إذَا الْتَقَیا فَتَصافَحا، أقْبَل االلهُ تَعالى عَلَیْھِما بِوَجْھِهِ وَتَساقَطتْ عَنْھُمَا الذَّنُوبُ كَما يَتَسَاقَطُ الْوَرَقُ مِنَ
٦٦٠ الشَّجَرِ»
.
إن االله سبحانه وتعالى يعلم ما ينجم من توجه الحق المتعالي وإقباله سبحانه بوجھه الكريم على المؤمن
عند مصافحته لأخیه المؤمن من النور والكرامة، ومن ارتفاع الحجب التي بین العبد المؤمن ونور جمال ذاته
المقدس، ومن العنايات الربانیة التي تنزل على المؤمن وتنجده. كن لابد من معرفة السر الواقعي والنكتة
الحقیقیة التي تبعث على ھذه الكرامات وعدم الغفلة عنھا كي ينتبه القلب إلیھا ويصیر عمله كاملاً ونورانیاً بھا،
وتُنفخ في العمل الروح والنفخة الإلھیة. وتلك، النكتة الحقیقیة والسر الواقعي ھو: تحكم الود والمحبة في االله،
وتجديد عھد الأخوة في االله. كما أبدت أحاديث مباركة اھتماماً كبیراً بھذا السّر. وقد أشیر إلى ھذا الموضوع في
الأحاديث الواردة في المصافحة أيضاً. ففي الكافي بإسناده عن أبي جعفر علیه السّلام قالَ: «إنَّ الْمُؤْمِنَیْنَ إذا
٦٦١ الْتَقَیا وَتَصافَحا، أدْخَلَ االلهُ يَدَهُ بَیْنَ أيْدِيھما فَصافَحَ أشَدَّھُما حُبّاً لِصاحِبِه»
.
نھج البلاغة، الخطبة ٢٢٤) .الشیخ صبحي الصالح). ٦٥٨
العنقاء المُغرب، وعنقاء مُغرب ومُغربة على النعت، وعنقاء مُغرب على الإضافة، طائر معروف الاسم، مجھول الجسم (أقرب الموارد ـ ٦٥٩
مادة عنق ـ المترجم).
٦٦٠
أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الكفر والإيمان، باب المصافحة، ح٤ وح٢.
٦٦١
أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الكفر والإيمان، باب المصافحة، ح٤ وح٢.
٢٣٨
وفي رواية أخرى عن إسحاق بن عمّار قَالَ: دَخَلْتُ عَلى أبِي عَبْدااللهِ عَلَیهِ السّلام ـ إلى أن قال ـ أَو مَا عَلِمْتَ
أنّ المُؤْمِنینِ إذا الْتَقَیا فَتَصَافَحا أنْزَلَ االله عَزَّ وَجَلّ الرَحْمَةَ عَلَیھمَا فَكانَتْ تِسْعَةُ وَتِسْعینَ لأشَدِّھِما حُبّاً لَصاحِبه فَإذا
٦٦٢ تَوافَقا غَمَرَتْھُما الْرَّحْمَة
والحمد الله أولاً وآخراً.
الحَديث الثَاني وَالثَلاثون: الرِّزق
بالسَّند المتّصل إلى محمّد بن يعقوب الكلینيِّ، عن الحسینِ بن محمّد، عن المُعَلَّى بن محمّد، عن الحسن
بن عليّ الوشّاء، عن عبد االله بن سنان، عن أبي عبد االله علیه السّلام قال: «مِنْ صِحَّةِ يَقینِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أنْ لا
يُرْضِيَ النّاسَ بِسَخَطِ االلهِ، وَلا يَلومَھُمْ عَلى ما لَمْ يؤته االلهُ، فَإنَّ الرِّزْقَ لا يَسوقُهُ حِرْصُ حَريصٍ، وَلا يَرُدُّهُ كَراھِیَةُ
كارهٍ، وَلَوْ أَنَّ أحَدَكُمْ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَما يَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ لأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَما يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ. ثُمَّ قالَ: إنَّ االلهَ بِعَدْلِهِ وَقِسْطِهِ
٦٦٣ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالرّاحَةَ فِي الْیَقینِ وَالرِّضا، وَجَعَلَ الْھَمَّ وَالْحُزْنَ فِي الشَّكِّ وَالسَّخَطِ»
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://treasure.own0.com
 
الاربعون حديث 20
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاربعون حديث 17
» الاربعون حديث 2
» الاربعون حديث 18
» الاربعون حديث 3
» الاربعون حديث 19

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنزالعلوم الاسلامية :: القسم الخامس الخاص بالعرفان والاذكاروالمناجاة اضغط هنا-
انتقل الى: