من أدلة إمامة الإمام علي في مصادر أهل السنة ( حديث الولاية )

بسم الله الرّحمن الرّحيم 
من الأحاديث الصحيحة التي يستند إليها الشيعة في إثبات أنّ الخليفة على الأمة والقائد لها في أمورها وشؤونها الدينية والدنيوية هو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، حديث الولاية، وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن علي عليه السلام : ( وهو ولي كل مؤمن بعدي ) أو ( وهو ولي كل مؤمن من بعدي ) رواه بهذا اللفظ ابن حبان في صحيحه ( 15/373 حديث رقم : 6929 ) والترمذي في جامعه الصحيح ( 5/632 ) وحسنه، والنسائي في السنن الكبرى (5/45 حديث رقم : 8146 و 5/132 حديث رقم : 8474 ) وأحمد بن حنبل في مسنده ( 4/437 حديث رقم : 19942 ) وأبو يعلى في مسنده ( 1/293 حديث رقم : 355 ) وقال محقق الكتاب الشيخ حسين أسد : ( رجاله رجال الصحيح )، والطيالسي في مسنده ( 1/111 حديث رقم : 829 ) والطبراني في المعجم الكبير ( 18/128 ) وهو في فضائل الصحابة لابن حنبل ( 2/605 حديث رقم : 1035 و 2/649 حديث رقم : 1104 ). 
ورواه بلفظ : ( أنت ولي كل مؤمن بعدي ) الحاكم في المستدرك على الصحيحين (3/143 حديث رقم : 4652 ) وقال الحاكم : ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) وقال الذهبي في التلخيص : ( صحيح )، وأبو داود الطيالسي في مسنده 1/360 حديث رقم : 2752، والطبراني في المعجم الكبير ( 12/97 ) وهو في فضائل الصحابة لابن حنبل ( 2/682 حديث رقم : 1168 ). 
ورواه بلفظ ( وعلي ولي كل مؤمن بعدي ) ابن أبي شيبة في مصنفه ( 6/372 حديث رقم : 32121 ) وهو في فضائل الصحابة لابن حنبل ( 2/620 حديث رقم : 1060 ). 
ورواه بلفظ : ( وهو وليكم بعدي ) أحمد بن حنبل في مسنده ( 5/356 حديث رقم : 23062، وهو في فضائل الصحابة أيضاً ( 2/688 حديث رقم : 1175 ) 
ورواه بلفظ : ( وهذا وليكم بعدي ) النسائي في السنن الكبرى 5/133 حديث رقم : 8475. 
ورواه بلفظ : ( وإنه وليكم من بعدي ) الطبراني في المعجم الأوسط ( 6/163 حديث رقم : 6085 ). 
وهذا الحديث مروي بأسانيد صحيحة لا مطعن ولا مغمز فيها ولذلك صححه العديد من الحفاظ وكبار العلماء عند أهل السنة. .. قال ابن حجر في الإصابة (4/569 ) وأخرج الترمذي بإسناد قوي عن عمران بن حصين قصة قال فيها : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما تريدون من علي إنّ علياً مني وأنا من علي وهو ولي كل مؤمن بعدي ). 
وقال المتقي الهندي : ( علي مني وأنا من علي، وعلي ولي كل مؤمن بعدي ) ( ش عن عمران بن حصين، صحيح ) ( كنزل العمال 11/608 حديث رقم : 32941 ). 
وقال أيضاً : ( عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية واستعمل عليهم علياً فغنموا فصنع علي شيئاً أنكروه وفي لفظ : فأخذ علي من الغنيمة جارية فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفر بدؤا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسلّموا عليه ونظروا إليه، ثم ينصرفون إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ! ألم تر أن علياً قد أخذ من الغيمة جارية ؟ فأعرض عنه، ثم قام الثاني فقال مثل ذلك فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال مثل ذلك فأعرض عنه، ثم قام الرابع فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرف الغضب في وجهه فقال : ما تريدون من علي ؟ علي مني وأنا من علي وعلي ولي كل مؤمن بعدي ) ( ش وابن جرير وصححه ) ( كنز العمال 13/142 حديث رقم : 36444 ). 
وقال الصالحي الشامي : ( وروى ابن أبي شيبة وهو صحيح عن عمر - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : > علي مني وأنا منه، وعلي ولي كل مؤمن من بعدي < ) ( سبل الهدى والرشاد 11/297 ). 
وأخرج ابن أبي عاصم في كتابه السنة بسنده عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : > علي مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي < قال الشيخ محمد ناصر الألباني محقق الكتاب : ( إسناده صحيح رجاله ثقات على شرط مسلم ) ( السنة لابن أبي عاصم 550 حديث رقم : 1187 ). كما صححه الألباني في سلسلته الصحيحة، وصحيح سنن الترمذي ( 3/521 ). 
قال الحافظ السيوطي في كتابه القول الجلي الحديث 40 : ( الحديث الأربعون : عن عمران بن الحصين : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : > علي مني وأنا من علي وهو ولي كل مؤمن بعدي < أخرجه ابن أبي شيبة وصححه ) ( دراسات في منهاج السنة 282 ). 
ولكون هذا الحديث يحمل في مضمونه نصّاً صريحاً على ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يخلو من محاولات الطعن فيه، أما إبن تيمية الحراني فقد أنكر صحته وجزم - كاذباً - أنّه كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال : ( وكذلك قوله : > وهو ولي كل مؤمن بعدي < كذب على رسول الله ) ( منهاج السنة 7/391 ). 
وقد مرّ عليك أنّ هذا الحديث ثابت صحيح من أصح الأحاديث وأثبتها وصرّح بصحته العديد من علماء أهل السنة وحفاظهم، وقد رّد بعض العلماء على إبن تيمية تكذيبه لهذا الحديث وأنكروا عليه ذلك ومنهم محمد ناصر الألباني في سلسلته الصحيحة، واتهمه بالجرأة لتكذيبه الحديث، قال : ( فمن العجيب حقاً أن يتجرأ شيخ الإسلام ابن تيمية على إنكار هذا الحديث وتكذيبه ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/263 )، واعتبر تكذيبه له ناشئاً من تسرّعه ومبالغته في الرّد على الشيعة، فقال : ( فلا أدري بعد ذلك وجه تكذيبه للحديث إلاّ التسرّع والمبالغة في الرّد على الشيعة ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/264 ). 
وممن أنكر على ابن تيمية تكذيبه لهذا الحديث الشيخ عبد الله الهرري، فقد قال في كتابه المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد ابن تيمية : ( سلك ابن تيمية عند كلامه على الأحاديث التي في فضائل علي رضي الله عنه مسلك التوسع في تضعيف هذه الأحاديث بل والحكم على أكثرها بالوضع وذلك ليصرفها عن إثبات فضائل لعلي رضي الله عنه، فحاله ما ذكر ابن حجر أنه ردّ في ردّه كثيراً من الأحاديث الجياد، يعني الصحيح والحسن. 
وليعلم الناظرون أن ابن تيمية يضعف أحاديث ولا يبالي بتصحيح الحفاظ لها لشدة تعلق قلبه بتأييد هواه، كما أن من دأبه دعوى اتفاق العلماء على البدع التي يهواها كذباً وزوراً من غير استحياء من الله ولا من أهل العلم. 
فهذا شأن ابن تيمية فإنّه يحتج بالحديث الموضوع الذي يوافق هواه ويحاول أن يصححه، ويضعف الأحاديث والأخبار الثابتة والمتواترة التي تخالف رأيه وعقيدته، حتى قال فيه تلميذه الذهبي في رسالة أرسلها له على شكل نصيحة بعد كلام ما نصه : > إلى كم تمدح كلامك بكيفية لا تمدح بها والله أحاديث الصحيحين، يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك، بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار أو التأويل والإنكار <. 
ومن هذه الأحاديث التي حكم عليها ابن تيمية بناء على هواه :. .. ) وذكر الشيخ عبد الله الهرري الحديث الأول وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار بن ياسر : > تقتلك الفئة الباغية < ثم قال : ( الحديث الثاني : قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي : > أنت ولي كل مؤمن بعدي <، يقول ابن تيمية في منهاجه ما نصه : ( ومثل قوله : > أنت ولي في كل مؤمن بعدي < فإن هذا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث ) ويقول فيه أيضاً ما نصه : ( وكذلك قوله : > هو ولي كل مؤمن بعدي < كذب على رسول الله (ص) ) ثم ذكر مجموعة من المصادر المعتمدة عند أهل السنة والتي روت الحديث المذكور، وذكر تصحيح الحاكم النيسابوري له على شرط مسلم، وتقويت ابن حجر للحديث في كتابه الإصابة ( المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية صفحة 348 - 351 ). 
وممن حاول الطعن في الحديث الحافظ أبو العلاء المباركفوري في كتابه تحفة الأحوذي حيث قال : ( وقد استدل به الشيعة على أنّ علياً رضي الله عنه كان خليفة بعد رسول الله (ص) من غير فصل واستدلالهم به عن هذا باطل ؛ فإن مداره على صحة زيادة لفظة > بعدي < وكونها صحيحة محفوظة قابلة للإحتجاج، والأمر ليس كذلك. .. ) ( تحفة الأحوذي 10/199 ) ثم زعم أنّ لفظة > بعدي < تفرد بها جعفر بن سليمان الضبي وهو شيعي غال في التشيّع، ثم استدرك على نفسه بالقول : ( فإن قلت : لم يتفرد بزيادة قوله > بعدي < جعفر بن سليمان بل تابعه عليها أجلح الكندي ) ثم ذكر رواية الأجلح من مسند أحمد وقال بعدها : ( قلت : أجلح الكندي هذا أيضاً شيعي ) ثم قال : ( والظاهر أن زيادة > بعدي < في هذا الحديث من وهم هذين الشيعيين ) 
فالمباركفوري لم ينكر دلالة الحديث على الولاية على الأمّة، بل ظاهر كلامه أنّه يرى دلالته على ذلك ولكنّه حاول رد قول الشيعة أنّ الحديث فيه دلالة على ولاية علي المباشرة وبلا فصل بعد الرسول زاعماً أنّ لفظة > بعدي < غير محفوظة وأنها من وهم جعفر بن سليمان والأجلح الكندي!!، وهدفه من ذلك تصحيح خلافة الثلاثة الذين تسنّموا سدّة خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أمير المؤمنين عليه السلام. 
ويظهر من كلامه أنّ استدلال الشيعة بالحديث على أنّ علياً عليه السلام هو الخليفة من بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل يكون صحيحاً لو ثبت أنّ لفظة > بعدي < محفوظة مروية من طريق صحيح ليس فيه شيعي. . نعم هذا هو ظاهر كلامه وإذ اتضح ذلك فتعال معي لتمسع كلاماً للشيخ محمد ناصر الألباني أورده في كتابه سلسلة الأحاديث الصحيحة وهو يصلح لأن يكون ردّاً على الحافظ المباركفوري ويسقط ما في يده ويؤكد صحة استدلال الشيعة. 
قال الألباني بعد أن ذكر الحديث من طريق الأجلح وجعفر بن سليمان : ( فإن قال قائل : راوي هذا الشاهد شيعي، وكذلك في سند المشهود له شيعي آخر وهو جعفر بن سليمان، أفلا يعتبر ذلك طعناً في الحديث وعلة فيه ؟. 
فأقول : كلا، لأنّ العبرة في رواية الحديث إنّما هو الصدق والحفظ وأمّا المذهب فهو بينه وبين ربّه فهو حسيبه، ولذلك نجد صاحبي > الصحيحين < وغيرهما قد أخرجوا لكثير من الثقات المخالفين كالخوارج والشيعة وغيرهم، وهذا هو المثال بين أيدينا فقد صحح الحديث ابن حبّان كما رأيت، مع أنّه قال في روايه جعفر في كتابه > مشاهير علماء الأمصار < : > كان يتشيّع ويغلو فيه < بل إنّه قال في > ثقاته < : > وكان يبغض الشيخين < وهذا وإن كنت في شك من ثبوته عنه، فإن مما لا ريب فيه أنه شيعي لإجماعهم على ذلك، ولا يلزم من التشيع بغض الشيخين رضي الله عنهما، وإنما هو مجرد التفضيل، والإسناد الذي ذكره ابن حبّان برواية تصريحه ببغضهما فيه جرير بن يزيد بن هارون ولم أجد له ترجمة، ولا وقفت على إسناد آخر بذلك إليه، ومع ذلك فقد قال ابن حبان عقيب ذلك التصريح : > وكان جعفر بن سليمان من الثقات المتقنين في الرّوايات، غير أنّه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت ولم يكن بداعية إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز < على أن الحديث قد جاء مفرقاً من طرق أخرى ليس فيها شيعي ) ثم ذكر طريقاً صحيحاً للحديث ليس فيه شيعي واحد فقال : ( وأمّا قوله : > وهو ولي كل مؤمن بعدي < فقد جاء من حديث ابن عباس فقال الطيالسي حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عنه أنّ رسول الله (ص) قال لعلي : > أنت ولي كل مؤمن بعدي < وأخرجه أحمد ومن طريقه الحاكم وقال : > صحيح الإسناد < ووافقه الذهبي وهو كما قالا ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/262 - 263 ). 
فثبت والحمد لله أنّ لفظة > بعدي < الواردة في الحديث محفوظة ورويت من طرق صحيحة وبعض هذه الطرق ليس فيها شيعي حتى يتهم بالوهم أوبشيء من هذا القبيل كما اتهم المباركفوري الأجلح وجعفر بن سليمان، وبه ثبت أن استدلال الشيعة به استدلال صحيح. 
التلميذ