بسم الله الرحمن الرحيم :
اللهم أرسل علي سجال رزقك مدرارا ، وأمطر سحائب إفضالك علي غزارا ، وأدم غيث نيلك إلي سجالا ، وأسبل مزيد نعمك على خلتي إسبالا .
وأفقرني بجودك إليك : وأغنني عمن يطلب ما لديك ، و داو داء فقري بدواء فضلك ، وأنعش صرعة عيلتي بطولك ، وتصدق على إقلالي بكثرة عطائك ، وعلى اختلالي بكريم حبائك ، وسهل رب سبل الرزق إلي ، وأثبت قواعده لدي ، وبجس لي عيون سعة رحمتك ، وفجر أنهار رغد العيش قبلي برأفتك ورحمتك ، وأجدب أرض فقري ، وأخصب جدب ضري ، واصرف عني في الرزق العوائق ، واقطع عني من الضيق العلائق ، وارمني اللهم من سعة الرزق بأخصب سهامه ، واحبني من رغد العيش بأكثر دوامه ، واكسني اللهم أي رب سرابيل السعة وجلابيب الدعة ،فإني يا رب منتظر لإنعامك بحذف الضيق ولتطولك بقطع التعويق ولتفضلك بإزالة التقتير ، ولوصل حبلي بكرمك بالتيسير ، وأمطر اللهم علي سماء رزقك بسجال الديم ، وأغنني عن خلقك بعوائد النعم ، وارم مقاتل الإقتار مني ، واحمل عسف الضر عني على مطايا الإعجال ، واصرفعني الضيق بسيف الاستيصال ، وامحقه عني رب منك بسعة الإفضال ، و أمددني بنمو الأموال ، واحرسني من ضيق الإقلال ، واقبض عنيسوء الجدب ، وابسط لي بساط الخصب ، وصبحني بالاستظهار ، ومسني بالتمكن من اليسار ، إنك ذو الطول العظيم والفضل العميم [الجسيم] .
و أنت الجواد الكريم الملك الغفور الرحيم ، اللهم اسقني من ماء رزقك غدقا ، و انهج لي من عميم بذلك طرقا ، و أفجأنيبالثروة والمال ، و انعشني فيه بالاستقلال ، يا أرحم الراحمين[57]. وعن الحسين بن علوان قال : كنا في مجلس نطلب فيه العلم وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار فقال لي بعض أصحابنا : من تؤمل لما قد نزل بك فقلت : فلانا ، فقال : إذا والله لا تسعف حاجتك ولا يبلغك أملك ولا تنجح طلبتك . قلت : وما علمك رحمك الله ؟ قال : إن أبا عبد اللهعليه السلام حدثني أنه قرأ في بعض الكتب أن الله تبارك وتعالى يقول :
وعزتي وجلالي ومجدي : وارتفاعي على عرشي لا قطعن أمل كل مؤمل [ من الناس ] غيري باليأس ، ولأكسونه ثوب المذلة عند الناس ، ولأنحينه من قربي ، ولأبعدنه من فضلي ، أيؤمل غيري في الشدائد والشدائد بيدي ؟ ! ويرجو غيري ، ويقرع بالفكر باب غيري ، وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة ؟ !
وبابي مفتوح لمن دعاني فمن ذا الذي أملني لنوائبه فقطعته دونه ؟ ! ومن ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاءه مني ؟ ! جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي ، وملأت سماواتي ممن لا يمل من تسبيحي ، وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي ، فلم يثقوا بقولي ؟ ألم يعلم أن من طرقته نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحد غيري إلا من بعد إذني ، فمالي أراه لا هيا عني ؟؟!
أعطيته بجودي : ما لم يسألني ثم انتزعته عنه فلم يسألني رده وسأل غيري ; أ فيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثم اسأل فلا أجيب سائلي ؟ !
أبخيل أنا فيبخلني عبدي . أوليس الجود والكرم لي ؟ !
أوليس العفو والرحمة بيدي ؟ ! أوليس أنا محل الآمال ؟ ! فمن يقطعها دوني ؟ أفلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري ، فلوا أن أهل سماواتي و أهل أرضي أملوا جميعا ، ثم أعطيت كل واحد منهم مثل ما أمل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرة ، وكيف ينقص ملك أنا قيمه ، فيا بؤسا للقانطين من رحمتي ، ويا بؤسا لمن عصاني ولم يراقبني [58]. يا طيب تذكره في الصلاة وأنت تتوجه له وحين الدعاء بالخصوص!!
ويا طيب : إن الله جليل قادر عظيم رفيع لا ينال ما عنده إلا بجوده لمن يستحق ، لأنه هو العزيز الجواد العظيم والغني الواسع الجليل ، فلا يهب شيء دائما وأبدا إلا لمن يستحق جود الله الجواد ، فمن أيقن بالبعث وإن الله يرث ويورث كل شيء لمن يشاء من نور جمال أسماءه الحسنى لا يسعه إلا أن يصلح نفسه مع الله التواب الجواد ، ويرجع له بكله فيتوكل عليه ويفوض الأمر له ليجود نور أسماءه الحسنى عليه بأعظم وأجل بهاء ، فيرفع شأنه ويسد حاجته ونقصه ويصلحه بفضله ويكمل نوره بجوده .
وبهذا عرّفنا : الله التواب لمن يرجع له يصلحه بل يعظم شأنه ويجلله بجوده ، وهذا المعنى المتقارن في الأسماء الحسنى تشعر به في كلها ، وتحسب بحق إن تسلسلها في هذا الحديث لغاية كريمة وغرضا جميلا يُعرف شؤون عظمة الله بأعلى معرفة كريمة ، ولا تجده في غير الأحاديث المنسوبة بالسند لغير أئمة الحق والهدى في ذكرها كما ستعرف في صحيفة العارفين إن شاء الله ، وبعد إن عرفنا الله بشؤون العظيمة والجلال لتجلي نور الله العلي العظيم الجليل الجواد ، فلابد أن نخاف الله الجليل فنتوب ونرجع له ليجود علينا ، ولا يأخذنا أخذ عزيز مقتدر منتقم شديد العقاب بالغفلة عن كرمه وعصيانه بنعمه بعدم الطاعات وارتكاب المحرمات ، وهذا المعنى تراه في كثير من الأدعية ، وقد عرفت شيئا منه فينور الجليل والحديث السابق ، وكما في دعاء كل يوم من رجب والذي منه : يا ذَا الْجَلالِ وَالأكرم ، يا ذَا النَّعْماءِ وَالْجُودِ ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ ، حَرِّمْ شَيْبَتي عَلَى النّارِ .
فإنه لجلال الله : ولشأنه العظيم نخافه ونطلبه بالتوبة وأن يحرمنا على النار ، كما هو كريم منه النعيم وبجوده تظهر في الوجود ، فيكرم بها خلقه ويمن عليهم بطوله ، و إن الله خبير بصير عالم يعرف حقائق العباد ومن يستحق منه جوده وكرمه وإعلاء شأنه ، وإنه قد أصلح نفسه معه فطلبه حقا بما يحب من الطلب والتوجه ، فيجود عليه بنور أسماء الحسنى بكل كرامة وشأن جليل ومجد وعزة وبما يناسبه حاله، ويتممه بأعلى كمال ونور نعيم دائم إن سأله بمقال ، فسبحان الله التواب الجيل الجواد الخبير .