كنزالعلوم الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولدردشة

 

 الغضب وثورته قولا وعملا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابومحمدالحسن
مدير المنتدى
مدير المنتدى
ابومحمدالحسن


عدد المساهمات : 870
تاريخ التسجيل : 22/09/2010

الغضب وثورته قولا وعملا Empty
مُساهمةموضوع: الغضب وثورته قولا وعملا   الغضب وثورته قولا وعملا I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 17, 2015 9:12 pm

الغضب
وهو: حالة نفسية، تبعث على هياج الانسان، وثورته قولاً أو عملاً. وهو مفتاح الشرور، ورأس الآثام، وداعية الازمات والاخطار. وقد تكاثرت الآثار في ذمه والتحذير منه:
قال الصادق عليه السلام: «الغضب مفتاح كل شر»
وإنما صار الغضب مفتاحاً للشرور، لما ينجم عنه من أخطار وآثام، كالاستهزاء، والتعيير، والفحش، والضرب، والقتل، ونحو ذلك من المساوئ.
وقال الباقر عليه السلام: «إنّ الرجل ليغضب فيما يرضى أبداً حتى يدخل النار
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «واحذر الغضب، فانه جند عظيم من جنود ابليس»
وقال عليه السلام: «الحدّة ضرب من الجنون، لأنّ صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكم

وقال الامام الصادق عليه السلام: «سمعت أبي يقول: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله رجل بدويّ ، فقال: إني أسكن البادية، فعلمني جوامع الكلام. فقال: آمرك أن لا تغضب. فأعاد الأعرابي عليه المسألة ثلاث مرات، حتى رجع الى نفسه، فقال: لا أسأل عن شيء بعد هذا، ما أمرني رسول اللّه إلا بالخير.
بواعث الغضب:
لا يحدث الغضب عفواً واعتباطاً، وإنما ينشأ عن أسباب وبواعث تجعل الانسان مرهف الاحساس، سريع التأثر.
ولو تأملنا تلك البواعث، وجدناها مجملة على الوجه التالي:
(1) قد يكون منشأ الغضب إنحرافاً صحياً، كاعتلال الصحة العامة، أو ضعف الجهاز العصبي، مما يسبب سرعة التهيج.
(2) وقد يكون المنشأ نفسياً، منبعثاً عن الاجهاد العقلي، أو المغالاة في الانانية، أو الشعور بالاهانة، والاستنقاص، ونحوها من الحالات النفسية، التي سرعان ما تستفز الانسان، وتستثير غضبه.
(3) وقد يكون المنشأ أخلاقياً، كتعود الشراسة، وسرعة التهيج، مما يوجب رسوخ عادة الغضب في صاحبه.
_____________________
أضرار الغضب:
للغضب أضرار جسيمة، وغوائل فادحة، تضرّ بالانسان فرداً ومجتمعاً، جسمياً ونفسياً، مادياً وأدبياً. فكم غضبة جرحت العواطف، وشحنت النفوس بالاضغان، وفصمت عرى التحابب والتآلف بين الناس. وكم غضبة زجت أناساً في السجون، وعرضتهم للمهالك، وكم غضبة أثارت الحروب: وسفكت الدماء، فراح ضحيتها الآلاف من الابرياء.
كل ذلك سوى ما ينجم عنه من المآسي والازمات النفسية، التي قد تؤدي الى موت الفجأة.
والغضب بعد هذا يحيل الانسان بركاناً ثائراً، يتفجر غيطاً وشراً، فإذا هو إنسان في واقع وحش، ووحش في صورة إنسان.
فإذا بلسانه ينطلق بالفحش والبذاء، وهتك الأعراض، وإذا بيديه تنبعثان بالضرب والتنكيل، وربما أفضى الى القتل، هذا مع سطوة الغاضب وسيطرته على خصمه، والا انعكست غوائل الغضب على صاحبه، فينبعث في تمزيق ثوبه، ولطم رأسه، وربّما تعاطى أعمالاً جنونية، كسبّ البهائم وضرب الجمادات.
الغضب بين المدح والذم:
الغضب غريزة هامة، تُلهب في الانسان روح الحمية والاباء، وتبعثه

على التضحية والفداء، في سبيل أهدافه الرفيعة، ومثله العليا، كالذود عن العقيدة، وصيانة الأرواح، والأموال، والكرامات. ومتى تجرد الانسان من هذه الغريزة صار عرضة للهوان والاستعباد، كما قيل «من استُغضِب فلم يغضب فهو حمار».
فيستنتج من ذلك: أنّ الغضب المذموم ما أفرط فيه الانسان، وخرج به عن الاعتدال، متحدياً ضوابط العقل والشرع. أما المعتدل فهو كما عرفت، من الفضائل المشرّفة، التي تعزز الانسان، وترفع معنوياته، كالغضب على المنكرات، والتنمّر في ذات اللّه تعالى.
علاج الغضب:
عرفنا من مطاوي هذا البحث، طرفاً من بواعث الغضب ومساوئه وآثامه، والآن أودّ أن أعرض وصفة علاجية لهذا الخُلق الخطير، وهي مؤلفة من عناصر الحكمة النفسية، والتوجيه الخلقي، عسى أن يجد فيها صرعى الغضب ما يساعدهم على مكافحته وعلاجه.
وإليك العناصر الآتية:
(1) - إذا كان منشأ الغضب اعتلالاً صحياً، أو هبوطاً عصبياً كالمرضى والشيوخ ونحاف البنية، فعلاجهم - والحالة هذه - بالوسائل الطبية، وتقوية صحتهم العامة، وتوفير دواعي الراحة النفسية والجسمية لهم، كتنظيم الغذاء، والتزام النظافة، وممارسة الرياضة الملائمة،

واستنشاق الهواء الطلق، وتعاطي الاسترخاء العضلي بالتمدد على الفراش.
كل ذلك مع الابتعاد والاجتناب عن مرهقات النفس والجسم، كالاجهاد الفكري، والسهر المضني، والاستسلام للكئابة، ونحو ذلك من دواعي التهيج.
(2) - لا يحدث الغضب عفواً، وإنّما ينشأ عن أسباب تستثيره، أهمها: المغالاة في الانانية، الجدل والمراء، الاستهزاء والتعيير، المزاح الجارح. وعلاجه في هذه الصور باجتناب أسبابه، والابتعاد عن مثيراته جهد المستطاع.
(3) - تذكّر مساوئ الغضب وأخطاره وآثامه، وأنها تحيق بالغاضب، وتضرّ به أكثر من المغضوب عليه، فرب أمر تافه أثار غضبة عارمة، أودت بصحة الانسان وسعادته.
يقول بعض باحثي علم النفس: دع محاولة الاقتصاص من أعدائك، فإنك بمحاولتك هذه تؤذي نفسك أكثر مما تؤذيهم... إننا حين نمقت أعداءنا نتيح لهم فرصة الغلبة علينا، وإنّ أعداءنا ليرقصون طرباً لو علموا كم يسببون لنا ممن القلق وكم يقتصّون منّا، إنّ مقتنا لا يؤذيهم، وإنّما يؤذينا نحن، ويحيل أيامنا وليالينا الى جحيم
وهكذا يجدر تذكر فضائل الحلم، وآثاره الجليلة، وأنّه باعث على اعجاب الناس وثنائهم، وكسب عواطفهم.
وخير محفّز على الحلم قول اللّه عز وجل: «إدفع بالتي هي أحسن

فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم، وما يلقّاها إلا الذين صبروا وما يلقّاها إلا ذو حظ عظيم» (فصلت: 34 - 35)
(4) - إنّ سطوة الغضب ودوافعه الاجرامية، تعرّض الغاضب لسخط اللّه تعالى وعقابه، وربما عرّضته لسطوة من أغضبه واقتصاصه منه في نفسه أو في ماله أو عزيز عليه. قال الصادق عليه السلام: «أوحى اللّه تعالى إلى بعض أنبيائه: إبنَ آدم أذكرني في غضبك أذكرك في غضبي، لا أمحقك فيمن أمحق، وارض بي منتصراً، فانّ انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك
(5) - من الخير للغاضب إرجاء نزوات الغضب وبوادره، ريثما تخفّ سورته، والتروّي في أقواله وأفعاله عند احتدام الغضب، فذلك مما يخفّف حدّة التوتر والتهيج، ويعيده الى الرشد والصواب، ولا يُنال ذلك إلا بضبط النفس، والسيطرة على الأعصاب.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن لم تكن حليماً فتحّلم، فإنّه قَلّ من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم
(6) - ومن علاج الغضب: الاستعاذة من الشيطان الرجيم، وجلوس الغاضب إذا كان قائماً، واضطجاعه إن كان جالساً، والوضوء أو الغسل بالماء البارد، ومس يد الرحم إن كان مغضوباً عليه، فإنه من مهدئات الغضب.
التواضع
وهو: احترام الناس حسب أقدارهم، وعدم الترفع عليهم.
وهو خلق كريم، وخلّة جذابة، تستهوي القلوب، وتستثير الاعجاب والتقدير، وناهيك في فضله أن اللّه تعالى أمر حبيبه، وسيد رسله صلّى اللّه عليه وآله بالتواضع، فقال تعالى: «واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين»
(الشعراء: 215)
وقد أشاد أهل البيت عليهم السلام بشرف هذا الخُلُق، وشوقوا إليه بأقوالهم الحكيمة، وسيرتهم المثالية، وكانوا روّاد الفضائل، ومنار الخلق الرفيع.
قال الصادق عليه السلام: «إنّ في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع للّه رفعاه، ومن تكبّر وضعاه
وقال النبي صلّى اللّه عليه وآله: «إن أحبكم إليّ، وأقربكم مني يومّ القيامة مجلساً، أحسنكم خُلُقاً، وأشدكم تواضعاً، وإن أبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون وهم المستكبرون

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء، طلباً لما عند اللّه، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء إتكالاً على اللّه
وقال الصادق عليه السلام: «من التواضع ان ترضى بالمجلس دون المجلس، وأن تسلّم على من تلقى. وأن تترك المراء وإن كنت محقاً، ولا تحب أن تحمد على التقوى
وجدير بالذكر أن التواضع الممدوح، هو المتسم بالقصد والاعتدال الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، فالاسراف في التواضع داع الى الخسّة والمهانة، والتفريط فيه باعث على الكِبر والأنانية.
وعلى العاقل أن يختار النهج الأوسط، المبرّأ من الخسّة والأنانية، وذلك: باعطاء كل فرد ما يستحقه من الحفاوة والتقدير، حسب منزلته ومؤهلاته.
لذلك لا يحسن التواضع للانانيين والمتعالين على الناس بزهوهم وصلفهم. إن التواضع والحالة هذه مدعاة للذل والهوان، وتشجيع لهم على الأنانية والكبر، كما يقول المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته*** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ومما قيل في التواضع قول المعري:
ياوالي المصر لا تظلمن*** فكم جاء مثلك ثم انصرف
تواضع إذا ما رُزقت العلا*** فذلك مما يزيد الشرف

وفي المثل:
تواضع الرجل في مرتبته، ذبّ للشماتة عند سقطته.
وقال الطغرائي:
ذريني على أخلاقي الشوس إنني*** عليم بإبرام العزائم والنقض
أزيد إذا أيسرت فضل تواضع*** ويزهى إذا أعسرت بعضي على بعضي
فذلك عند اليسر أكسب للثنا*** وهذاك عند العسر أصون للعرض
أرى الغصن يعرى وهو يسمو بنفسه*** ويوقر حملاً حين يدنو من الأرض
واليك طرفاً من فضائل أهل البيت، وتواضعهم المثالي الفريد:
كان النبي صلّى اللّه عليه وآله أشدَّ الناس تواضعاً، وكان إذا دخل منزلاً قعد في أدنى المجلس حين يدخل، وكان في بيته في مهنة أهله، يحلب شاته، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويحمل بضاعته من السوق، ويجالس الفقراء، ويواكل المساكين.
وكان صلّى اللّه عليه وآله إذا سارّه أحد، لا ينحّي رأسه حتى يكون الرجل هو الذي ينحّي رأسه، وما أخذ أحد بيده فيرسل يده حتى يرسلها الآخر، وما قعد اليه رجل قط فقام صلى اللّه عليه وآله حتى يقوم، وكان يبدأ من لقيه بالسلام، ويبادئ أصحابه بالمصافحة، ولم يُر قط ماداً رجليه بين أصحابه، يكرم من يدخل عليه، وربما بسط له ثوبه، ويؤثره بالوسادة التي تحته، ويكنّي أصحابه، ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمةً لهم، ولا يقطع على أحد حديثه، وكان يقسّم لحظاته بين أصحابه، وكان

أكثر الناس تبسماً، وأطيبهم نفساً.
وعن أبي ذر الغفاري: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يجلس بين ظهرانيّ أصحابه، فيجئ الغريب فلا يدري أيُّهم هو حتى يسأل، فطلبنا اليه أن يجعل مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكاناً من طين فكان يجلس عليها، ونجلس بجانبه.
ورُوي أنه صلى اللّه عليه وآله كان في سفر، فأمر بأصلاح شاة، فقال رجل: يا رسول اللّه عليّ ذبحها، وقال آخر: علي سلخها، وقال آخر: عليَّ طبخها، فقال صلى اللّه عليه وآله: وعليَّ جمع الحطب. فقالوا: يا رسول اللّه نحن نكفيك. فقال: قد علمت أنكم تكفوني، ولكن أكره أن أتميَّز عليكم، فإن اللّه يكره من عبده أن يراه متميَّزاً بين أصحابه، وقام فجمع الحطب
وروي أنه خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الى بئر يغتسل، فأمسك حذيفة بن اليمان بالثوب على رسول اللّه وستره به حتى اغتسل، ثم جلس حذيفة ليغتسل، فتناول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الثوب، وقام يستر حذيفة، فأبى حذيفة، وقال: بأبي وامي أنت يا رسول اللّه لا تفعل، فأبى رسول اللّه إلا أن يستره بالثوب حتى اغتسل، وقال: ما اصطحب اثنان قط، إلا وكان أحبهما الى اللّه أرفقهما بصاحبه

وهكذا كان أمير المؤمنين عليه السلام في سمو أخلاقه وتواضعه، قال ضرار وهو يصفه عليه السلام:
«كان فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، وينبئنا إذا استنبأناه، ونحن واللّه مع تقريبه إيّانا، وقربه منا، لا نكاد نكلمه هيبة له، فإن تبسَّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظّم أهل الدين، ويقرّب المساكين، لا يطمع القويّ في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله».
وقال الصادق عليه السلام: « خرج أمير المؤمنين عليه السلام على أصحابه، فمشوا خلفه، فالتفت إليهم فقال: لكم حاجة؟ فقالوا: لا يا أمير المؤمنين، ولكنّا نحب أن نمشي معك. فقال لهم: انصرفوا، فإن مشي الماشي مع الراكب، مفسدة للراكب، ومذلّة للماشي
وهكذا يقص الرواة طرفاً ممتعاً رائعاً من تواضع الأئمة الهداة عليهم السلام، وكريم أخلاقهم.
فمن تواضع الحسين عليه السلام: أنه مرّ بمساكين وهم يأكلون كِسعَراً لهم على كساء، فسلَّم عليهم، فدعوه الى طعامهم، فجلس معهم وقال: لولا أنّه صدقة لأكلت معكم. ثم قال: قوموا إلى منزلي، فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم
ومن تواضع الرضا عليه السلام:
قال الراوي: كنت مع الرضا عليه السلام في سفره الى خراسان، فدعا يوماً بمائدة، فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة، فقال: مه، إنّ الرب تبارك وتعالى واحد، والأم واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال
وهو حالة تدعو الى الاعجاب بالنفس، والتعاظم على الغير، بالقول أو الفعل، وهو: من أخطر الأمراض الخلقية، واشدها فتكاً بالانسان، وأدعاها الى مقت الناس له وازدائهم به، ونفرتهم منه.
لذلك تواتر ذمه في الكتاب والسنة:
قال تعالى: «ولا تصعّر خدك للناس، ولا تمش في الأرض مرحاً إن اللّه لا يحبُّ كل مُختال فخور»
(لقمان: 18)
وقال تعالى: «ولا تمش في الأرض مرحاً، إنّك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا»
(الاسراء:37)
وقال تعالى: «إنه لا يحب المُستكبرين»
(لقمان: 23)
وقال تعالى: «أليس في جهنم مثوى للمتكبرين»
(الزمر: 60)
وقال الصادق عليه السلام: «إن في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع للّه رفعاه. ومن تكبر وضعاه
وقال عليه السلام: «ما من رجل تكبر أو تجبر، إلا لذلة وجدها في نفسه

وقال النبي صلى اللّه عليه وآله: «إن أحبّكم إليّ، وأقربكم مني يوم القيامة مجلساً، أحسنكم خلقاً، وأشدكم تواضعاً، وإن أبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون، وهم المستكبرون»(1).
وعن الصادق عن آبائه عليهم السلام: قال «مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله على جماعة فقال: على ما اجتمعتم؟ فقالوا: يا رسول اللّه هذا مجنون يُصرع، فاجتمعنا عليه. فقال: ليس هذا بمجنون، ولكنه المبتلى. ثم قال: ألا أخبركم بالمجنون حق المجنون؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: «المتبختر في مشيه، الناظر في عطفيه، المحرّك جنبيه بمكنبيه، يتمنى على اللّه جنته، وهو يعصيه، الذي لا يُؤمنُ شره، ولا يُرجى خيره، فذلك المجنون وهذا المبتلى»
وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له: «فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بابليس، إذ أحبط عمله الطويل، وجهده الجهيد؟ وكان قد عبد اللّه ستة آلاف سنة، لا يُدرى أمن سنيّ الدنيا، أم من سنيّ الآخرة، عن كِبر ساعة واحدة، فمن بعد ابليس يسلم على اللّه بمثل معصيته، كلا ما كان اللّه سبحانه ليدخل الجنة بشراً بأمر أخرج به منها ملكاً، واستعيذوا باللّه من لواقح الكِبر، كما تستعيذون من طوارق الدهر، فلو رخّص اللّه في الكبر لأحد من عباده لرخّص فيه لخاصة أنبيائه ورسله، ولكنه سبحانه

كره اليهم التكابر، ورضي لهم التواضع»
وعن الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: «وقع بين سلمان الفارسي وبين رجل كلام وخصومة فقال له الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان: أما أولي وأولك فنطفة قذرة، وأما آخِري وآخِرُك فجيفة منتنة، فاذا كان يوم القيامة، ووضعت الموازين، فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، ومن خفّ ميزانه فهو اللئيم»
وعن الصادق عليه السلام قال: «جاء رجل موسر الى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نقيّ الثوب، فجلس الى رسول اللّه، فجاء رجل معسر، درن الثوب، فجلس الى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: أخفت أن يمسك من فقره شيء؟ قال: لا. قال: فخِفتَ أن يوسخ ثيابك؟ قال: لا . قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول اللّه إن لي قريناً يُزيّن لي كل قبيح ويقبّح لي كل حسن، وقد جعلت له نصف مالي. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله للمعسر: أتقبل؟ قال: لا. فقال له الرجل: لِمَ؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك ».
مساوئ التكبّر:
من الواضح أن التكبر من الأمراض الأخلاقية الخطيرة، الشائعة
_____________________
(1) نهج البلاغة.
(2) البحار م 15 ج 3 ص 124 عن أمالي الصدوق.
{ 58 }
في الاوساط الاجتماعية، التي سرت عدواها، وطغت مضاعفاتها على المجتمع، وغدا يعاني مساوئها الجمة.
فمن مساوئ التكبر وآثاره السيئة في حياة الفرد:
أنه متى استبد بالانسان، أحاط نفسه بهالة من الزهو والخيلاء، وجُن بحب الأنانية والظهور، فلا يسعده إلا الملق المزيف، والثناء الكاذب، فيتعامى آنذاك عن نقائصه وعيوبه، ولا يهتم بتهذيب نفسه، وتلافي نقائصه، ما يجعله هدفاً لسهام النقد، وعرضة للمقت والازدراء.
هذا إلى أن المتكبر أشد الناس عُتوّاً وامتناعاً عن الحق والعدل، ومقتضيات الشرائع والأديان.
ومن مساوئ التكبر الاجتماعية:
أنه يُشيع في المجتمع روح الحقد والبغضاء، ويعكّر صفو العلاقات الاجتماعية، فلا يسيء الناس ويستثير سخطهم ومقتهم، كما يستثيره المتكبر الذي يتعالى عليهم بصلفه وأنانيته.
إن الغطرسة داء يُشقي الانسان، ويجعله منبوذاً يعاني مرارة العزلة والوحشة، ويشقي كذلك المرتبطين به بصنوف الروابط والعلاقات.
بواعث التكبر:
الأخلاق البشرية كريمة كانت أو ذميمة، هي انعكاسات النفس على صاحبها، وفيض نبعها، فهي تُشرق وتُظلم، ويحلو فيضها ويمرّ تبعاً
{ 59 }
لطيبة النفس أو لؤمها، استقامتها أو انحرافها. وما من خلق ذميم إلا وله سبب من أسباب لؤم النفس أو انحرافها.
فمن أسباب التكبر: مغالاة الانسان في تقييم نفسه، وتثمين مزاياها وفضائلها، والافراط في الاعجاب والزهو بها، فلا يتكبر المتكبر إلا اذا آنس من نفسه علماً وافراً، أو منصباً رفيعاً، أو ثراءً ضخماً، أو جاهاً عريضاً، ونحو ذلك من مثيرات الأنانية والتكبر.
وقد ينشأ التكبر من بواعث العداء أو الحسد أو المباهاة، مما يدفع المتصفين بهذه الخلال على تحدي الأماثل والنبلاء، وبخس كراماتهم، والتطاول عليهم، بصنوف الازدراءات الفعلية أو القولية، كما يتجلى ذلك في تصلفات المتنافسين والمتحاسدين في المحافل والندوات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://treasure.own0.com
ابومحمدالحسن
مدير المنتدى
مدير المنتدى
ابومحمدالحسن


عدد المساهمات : 870
تاريخ التسجيل : 22/09/2010

الغضب وثورته قولا وعملا Empty
مُساهمةموضوع: رد: الغضب وثورته قولا وعملا   الغضب وثورته قولا وعملا I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 17, 2015 9:13 pm

درجات التكبر:
وهكذا تتفاوت درجات التكبر وابعاده بتفاوت أعراضه شدّةً وضعفاً.
فالدرجة الاولى: وهي التي كَمِن التكبر في صاحبها، فعالجه بالتواضع، ولم تظهر عليه أعراضه ومساوئه.
والدرجة الثانية: وهي التي نما التكبر فيها، وتجلت أعراضه بالاستعلاء على الناس، والتقدم عليهم في المحافل، والتبختر في المشي.
والدرجة الثالثة: وهي التي طغى التكبر فيها، وتفاقمت مضاعفاته، فجُنَّ صاحبها بجنون العظمة، والافراط في حب الجاه والظهور، فطفق
يلهج في محاسنه وفضائله، واستنقاص غيره واستصغاره. وهذه أسوأ درجات التكبر، وأشدها صَلفَاً وعتوّاً.
أنواع التكبر:
وينقسم التكبر باعتبار مصاديقه الى ثلاثة أنواع:
(1) - التكبر على اللّه عز وجل:
وذلك بالامتناع عن الايمان به، والاستكبار عن طاعته وعبادته. وهو أفحش أنواع الكفر، وأبشع أنواع التكبر، كما كان عليه فرعون ونمرود وأضرابهما من طغاة الكفر وجبابرة الالحاد.
(2) - التكبر على الأنبياء.
وذلك بالترفع عن تصديقهم والاذعان لهم، وهو دون الأول وقريب منه.
(3) - التكبر على الناس:
وذلك بازدرائهم والتعالي عليهم بالأقوال والأفعال، ومن هذا النوع التكبر على العلماء المخلصين، والترفع عن مسائلتهم والانتفاع بعلومهم وارشادهم، مما يفضي بالمستكبرين الى الخسران والجهل بحقائق الدين، وأحكام الشريعة الغراء.
علاج التكبر:
وحيث كان التكبر هوساً أخلاقياً خطيراً ماحقاً، فجدير بكل عاقل
أن يأخذ حذره منه، وأن يجتهد - إذا ما داخلته أعراضه - في علاج نفسه، وتطهيرها من مثالبه، وإليك مجملاً من النصائح العلاجية:
(1) - أن يعرف المتكبر واقعه وما يتصف به من ألوان الضعف والعجز: فأوله نطفة قذرة، وآخره جيفة منتنة، وهو بينهما عاجز واهن، يرهقه الجوع والظمأ، ويعروه السقم والمرض، وينتابه الفقر والضُّر، ويدركه الموتُ والبِلى، لا يقوى على جلب المنافع وردّ المكاره، فحقيق بمن اتصف بهذا الوهن، أن ينبذ الأنانية والتكبر، مستهديأ بالآية الكريمة «تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين» (القصص: 83)
فأفضل الناس أحسنهم أخلاقاً، وأكثرهم نفعاً، وأشدّهم تقوى وصلاحاً.
(2) - أن يتذكر مآثر التواضع ومحاسنه، ومساوئ التكبر وآثامه، وما ترادف في مدح الأول وذم الثاني من دلائل العقل والنقل، قال بزرجمهر: «وجدنا التواضع مع الجهل والبخل، أحمد عند العقلاء من الكبر مع الأدب والسخاء، فأنبِل بحسنة غطّت على سيئتين، وأقبح بسيئة غطّت على حسنتين
(3) - أن يروض نفسه على التواضع، والتخلق بأخلاق المتواضعين، لتخفيف حدة التكبر في نفسه، وإليك أمثلة في ذلك:
أ - جدير بالعاقل عند احتدام الجدل والنقاش في المساجلات العلمية أن يذعن لمناظره بالحق إذا ما ظهر عليه بحجته، متفادياً نوازع المكابرة والعناد.

ب - أن يتفادى منافسة الأقران في السبق إلى دخول المحافل، والتصدر في المجالس.
ج - أن يخالط الفقراء والبؤساء، ويبدأهم بالسلام، ويؤاكلهم على المائدة، ويجيب دعوتهم، متأسياً بأهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.

القناعة
وهي: الاكتفاء من المال بقدر الحاجة والكفاف، وعدم الاهتمام فيما زاد عن ذلك.
وهي : صفة كريمة، تعرب عن عزة النفس، وشرف الوجدان، وكرم الأخلاق.
وإليك بعض ما أثر عن فضائلها من النصوص:
قال الباقر عليه السلام: «من قنع بما رزقه اللّه فهو من أغنى الناس
إنما صار القانع من أغنى الناس، لأن حقيقة الغنى هي: عدم الحاجة الى الناس، والقانع راض ومكتف بما رزقه اللّه، لا يحتاج ولا يسأل سوى اللّه.
قيل: لما مات جالينوس وُجد في جيبه رقعة فيها مكتوب: «ما أكلته مقتصداً فلجسمك، وما تصدقت به فلروحك، وما خلفته فلغيرك، والمحسن حيّ وإن نقلَ الى دار البلى، والمسيء ميت وإن بقي في دار الدنيا، والقناعة تستر الخِلة، والتدبير يكثّر القليل، وليس لابن آدم أنفع من

التوكل على اللّه سبحانه
وشكى رجل الى أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه يطلب فيصيب، ولا يقنع، وتنازعه نفسه الى ما هو أكثر منه، وقال: علمني شيئاً أنتفع به. فقال أبو عبد اللّه عليه السلام «إن كان ما يكفيك يغنيك، فأدنى ما فيها يغنيك وإن كان ما يكفيك لا يغنيك، فكل ما فيها لا يغنيك»
وقال الباقر عليه السلام: «إياك أن يطمح بصرك الى من هو فوقك فكفى بما قال الله تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وآله «ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم» وقال: «ولا تمدّن عينيك الى متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا»، فان دخلك من ذلك شيء، فاذكر عيش رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، فإنما كان قوته الشعير، وحلوه التمر، ووقوده السعف اذا وجده»
محاسن القناعة:
للقناعة أهمية كبرى، وأثر بالغ في حياة الانسان، وتحقيق رخائه النفسي والجسمي، فهي تحرره من عبودية المادة، واسترقاق الحرص والطمع، وعنائهما المرهق، وهوانهما المُذل ، وتنفخ فيه روح العزة،

والكرامة، والاباء، والعفة، والترفع عن الدنايا، واستدرار عطف اللئام.
والقانع بالكفاف أسعد حياة، وأرخى بالاً، واكثر دعة واستقراراً، من الحريص المتفاني في سبيل أطماعه وحرصه، والذي لا ينفك عن القلق والمتاعب والهموم.
والقناعة بعد هذا تمدّ صاحبها بيقظة روحية، وبصيرة نافذة، وتحفّزه على التأهب للآخرة، بالأعمال الصالحة، وتوفير بواعث السعادة فيها.
ومن طريف ما أثر في القناعة:
أن الخليل بن أحمد الفراهيدي كان يقاسي الضُّر بين اخصاص البصرة، وأصحابه يقتسمون الرغائب بعلمه في النواحي.
ذكروا أن سليمان بن علي العباسي، وجه اليه من الأهواز لتأديب ولده، فأخرج الخليل الى رسول سليمان خبزاً يابساً، وقال: كل فما عندي غيره، وما دمت أجده فلا حاجة لي الى سليمان. فقال الرسول: فما أبلغه؟ فقال:
أبلغ سليمان اني عنه في سعة*** وفي غنىً غير اني لست ذا مال
والفقر في النفس لا في المال فاعرفه*** ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال
فالرزق عن قدر لا العجز ينقصه*** ولا يزيدك فيه حول محتال
وفي كشكول البهائي «أنه ارسل عثمان بن عفان مع عبد له كيساً من الدراهم الى أبي ذر وقال له: ان قبل هذا فأنت حُرّ، فأتى الغلام بالكيس الى أبي ذر، وألح عليه في قبوله، فلم يقبل، فقال له: أقبله

فإن فيه عتقي. فقال: نعم ولكن فيه رقّي»
«وكان ديوجانس الكلبي من اساطين حكماء اليونان، وكان متقشفاً. زاهداً، لا يقتني شيئاً، ولا يأوي الى منزل، دعاه الاسكندر الى مجلسه، فقال للرسول قل له: ان الذي منعك من المسير الينا، هو الذي منعنا من المسير إليك، منعك استغناؤك عنّا بسلطانك، ومنعني استغنائي عنك بقناعتي
وكتب المنصور العباسي الى أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام: لِمَ لا تغشانا كما يغشانا الناس؟ فأجابه: ليس لنا من الدنيا ما نخافك عليه، ولا عندك من الآخرة ما نرجوك له، ولا أنت في نعمة فنهنيك بها، ولا في نقمة فنعزيك بها. فكتب المنصور: تصحبنا لتنصحنا. فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: «من يطلب الدنيا لا ينصحك، ومن يطلب الآخرة لا يصحبك
وما أحلى قول أبي فراس الحمداني في القناعة:
إنّ الغني هو الغني بنفسه*** ولو أنّه عار المناكب حاف
ما كل ما فوق البسيطة كافياً*** فاذا قنعت فكل شيء كاف

الحرص
الحرص: هو الافراط في حب المال، والاستكثار منه، دون أن يكتفى بقدر محدود. وهو من الصفات الذميمة، والخصال السيئة، الباعثة على الوان المساوئ والآثام، وحسب الحريص ذماً أنه كلما إزداد حرصاً إزداداً غباءاً وغماً.
وإليك بعض ما ورد في ذمه:
قال الباقر عليه السلام: « مثل الحريص على الدنيا، مثل دودة القز كلما ازدادت من القز على نفسها لفاً، كان أبعد لها من الخروج، حتى تموت غماً
لذلك قال الشاعر:
يفني البخيل بجمع المال مدته*** وللحوادث والأيام ما يدع
كدودة القز ما تبنيه يهدمها*** وغيرها بالذي تبنيه ينتفع
وقال الصادق عليه السالم: «إن فيما نزل به الوحي من السماء: لو أن لابن آدم واديين، يسيلان ذهباً وفضة، لابتغى لهما ثالثاً، يابن آدم إنما بطنك بحر من البحور، وواد من الأودية، لا يملأه شيء إلا التراب

وقال عليه السلام: «ماذئبان ضاريان، في غنم قد فارقها رعاؤها أحدهما في أولها والآخر في آخرها، بأفسد فيها من حب المال «الدنيا خ ل» والشرف في دين المسلم
وقال أمير المؤمنين عليه السلام في ضمن وصيته لولده الحسن عليه السلام: «واعلم يقيناً أنك لن تبلغ املك، ولن تعدو أجلك، وأنك في سبيل من كان قبلك، فخفض في الطلب، وأجمل في المكتسب، فانه رب طلب، قد جر الى حرب، فليس كل طالب بمرزوق، ولا كل مجمل بمحروم
وقال الحسن بن علي عليهما السلام:
«هلاك الناس في ثلاث: الكبر. والحرص. والحسد.
فالكبر هلاك الدين وبه لعن ابليس..
والحرص عدو النفس، وبه أخرج آدم من الجنة.
والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل»
مساوئ الحرص:
وبديهي أنه متى استبد الحرص بالانسان، استرقه، وسبب له العناء

والشقاء، فلايهم الحريص، ولا يشبع جشعه إلا استكثار الأموال واكتنازها، دون أن ينتهي الى حد محدود، فكلما أدرك مأرباً طمح الى آخر، وهكذا يلج به الحرص، وتستعبده الأطماع، حتى يوافيه الموت فيغدو ضحية الغناء والخسران.
والحريص أشد الناس جهداً في المال، وأقلهم انتفاعاً واستمتاعاً به ، يشقى بكسبه وادخاره، وسرعان ما يفارقه بالموت، فيهنأ به الوارث، من حيث شقى هو به، وحرم من لذته.
والحرص بعد هذا وذاك، كثيراً ما يزج بصاحبه في مزالق الشبهات والمحرمات والتورط في آثامها، ومشاكلها الأخروية، كما يعيق صاحبه عن أعمال الخير، وكسب المثوبات كصلة الأرحام وإعانة البؤساء والمعوزين، وفي ذلك ضرر بالغ، وحرمان جسيم.
علاج الحرص:
وبعد أن عرفنا مساوئ الحرص يحسن بنا أن نعرض مجملاً من وسائل علاجه ونصائحه وهي:
1 - أن يتذكر الحريص مساوئ الحرص، وغوائله الدينية والدنيوية وأن الدنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب.
2 - أن يتأمل ما اسلفناه من فضائل القناعة، ومحاسنها، مستجليا سيرة العظماء الأفذاذ، من الأنبياء والأوصياء والأولياء، في زهدهم في

الحياة، وقناعتهم باليسير منها.
3 - ترك النظر والتطلع الى من يفوقه ثراءاً، وتمتعاً بزخارف الحياة والنظر الى من دونه فيهما فذلك من دواعي القناعة وكبح جماح الحرص.
4 - الاقتصاد المعاشي، فإنه من أهم العوامل، في تخفيف حدة الحرص، إذ الاسراف في الانفاق يستلزم وفرة المال، والافراط في كسبه والحرص عليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://treasure.own0.com
 
الغضب وثورته قولا وعملا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنزالعلوم الاسلامية :: القسم الخامس الخاص بالعرفان والاذكاروالمناجاة اضغط هنا-
انتقل الى: